المحكمه الكترونية

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
الدكتورة صفاء أوتاني قسم القانون الجزائي كلية الحقوق جامعة دمشق
الملخص
تعد "المحكمة الالكترونية" أهم تطبيقات التطور العلمي التقاني وأبرزه في مجال العدالة، وقد بدأ تطبيقها في التحكيم في المنازعات الالكترونية، لكن النجاح الذي حققته هذه المحكمة جعلها تنتشر على نحو واسع في الأنظمة القضائية المعاصرة.
موضوع هذه الدراسة تسليط الضوء على المحكمة الالكترونية من خلال تحليل مفهومها وتطبيقها في الدول الغربية والعربية، فضلا ً عن تأصيل الجدل الذي يثار حول قدرة المحكمة الالكترونية على أن تحل محل المحكمة بشكلها التقليدي في الوسط القضائي.
165
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
مقدمة العالم برمته يتقدم ويتطور نتيجة ثورة المعلوماتية والاتصالات التي فاقت تقنياتها وتحديثاتها كل التصورات. فأينما اتجهنا اليوم ثمة حواسيب ووسائل اتصال أسقطت الحواجز المكانية والزمانية، وجعلت من العالم قرية صغيرة، تمثل التقنية فيها واسطة النشاط، وأداة اقتصاد المعرفة، ورأس المال الفكري1. وقد تولد عن ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العديد من التطبيقات التي أثرت تأثيرا ً كبيرا ً في عدد كبير من أوجه النشاط الاجتماعي والاقتصادي، كان من أهمها ظهور التجارة الإلكترونية Electronique -Commerce، والحكومة الإلكترونية Electronique -Government، والتعليم الإلكتروني
.2Electronique -Learning وقد طرح منذ وقت السؤال الآتي: هل تستطيع المحاكم بمفهومها التقليدي وإجراءاتها الورقية أن تواجه تحديات العصر؟ وماذا سيحل بمرفق العدالة إذا انتقلت الدول برمتها نحو تبني مفهوم وهيكلية الحكومة الإلكترونية3، وانتقلت معظم هيكليات المجتمع المدني والاقتصادي والإعلامي ومكوناته إلى البيئة الإلكترونية، وبقي هذا المرفق منعزلا ً متمسكا ً بأدائه التقليدي؟
1 تباينت التعبيرات المستخدمة للدلالة على هذا التحول، فجرى التعبير عن هذا التغيير الجذري بثورة التقنية العالية، أو عصر تقنية المعلومات، أو مجتمع المعلومات، أو ثورة الحاسوب، أو انفجار المعلومات، أو مجمع الاتصال دون حدود، أو الانفجار التقني، أو الثورة ما بعد الصناعية، وغيرها كثير من الأوصاف والتعبيرات الدالة عليه. وجامع هذه الدراسات التأكيد أن العصر الذي نعيش قد دخل، تحديدا ً منذ الثمانينيات، مرحلة جديدة، أبرز ملامحها السيل المتدفق من المعلومات العصية على الإدراك لحجمها، وتنوعها، وكثافة بثها. وهو ما استتبع الاتساع والنماء العريض لوسائل التقنية )التكنولوجيا( العالية المتصلة بتقنية المعلومات ووسائل الاتصال. للتوسع راجع: المحامي يونس عرب، العالم الإلكتروني- والمحتوى الوسائل والميزات والسلبيات،
مقالة موجودة على موقع اليسر، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.alyaseer.net 2 هذه التطبيقات )الحكومة الإلكترونية، التجارة الإلكترونية، الأعمال الإلكترونية، التراسل الإلكتروني، التعليم الإلكتروني، التدريب الإلكتروني، النشر الإلكتروني، الدليل الإلكتروني، الإعلام الإلكتروني، التقاضي الإلكتروني(، دفعت بعض المهتمين بوصف هذا المشهد "بالحمى"، ودفعتهم للتساؤل عن سر الحرف E )وهو اختصار إلكتروني Electronique(. من هؤلاء المحامي يونس عرب،
العالم الإلكتروني- والمحتوى الوسائل والميزات والسلبيات، مقالة موجودة على موقع اليسر، المرجع السابق. 3 الحكومة الإلكترونية بالتعريف هي الاستخدام التكاملي الفعال لجميع تقانات المعلومات والاتصالات، وذلك لتسهيل العمليات الإدارية اليومية للقطاعات الحكومية الداخلية وتلك التي تجري فيما بينها )حكومة - حكومة( وتلك التي تربطها بالمواطنين )حكومة - مواطن( أو قطاعات الأعمال )حكومة - أعمال(. للتوسع في مفهوم الحكومة الإلكترونية راجع: م. نهى الجلا، الحكومة الإلكترونية/1، مجلة المعلوماتية، السنة الرابعة، العدد 44، تشرين الأول 2009، ص 34-37، المحامي عبد الحميد الحميداني، الحكومة الإلكترونية- مفهومها ونطاقها وعناصرها، مقالة موجودة على موقع منتديات نقابة المحامين في سورية،
فرع حلب، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.aleppobar.org 166

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني
من هنا ظهرت الحاجة ملحة لوجود المحكمة الإلكترونية، التي مهد لوجودها ظهور المحامي الإلكتروني في جميع أنحاء العالم، وتقديمه استشاراته عبر شبكة الإنترنت، فأعفت المحكمة الإلكترونية بولادتها المحامي والمتقاضي من الانتقال إلى المحاكم، وحل ّت إلى حد كبير مشكلة اكتظاظ المحاكم بالمتقاضين ووكلائهم4، لتكون المحكمة الإلكترونية - التي تقوم بالأعمال الموكولة إليها قانونا ً بوسائل إلكترونية- من أهم المخرجات الأساسية في تحقيق النمو والتطور للحكومة
الإلكترونية.
سبب اختيار الموضوع:
يرجع اختيار موضوع المحكمة الإلكترونية إلى ثلاثة أسباب: السبب الأول: يتعلق بأهمية الموضوع بالنظر إلى حداثته، فالدراسة تعالج نموذجا ً حديثا ً، ذا خصوصية واضحة، وأهمية بالغة، إذ يعد مفهوم المحكمة الإلكترونية حديثا ً نسبيا ً، ومازال التطبيق الفعلي لهذا النمط من المحاكمات بوسائل إلكترونية في بداياته الأولى. كذلك فإن دراسة المحكمة الإلكترونية سوف يسهم في لفت نظر المشرع السوري
لأهميتها، ولاسيما أن سورية تخطو خطوات جادة في مجال تطبيق الحكومة الإلكترونية.
السبب الثاني: يتعلق بمعالجة المحكمة الإلكترونية من منظور قانوني. فالمحكمة الإلكترونية من الموضوعات الفقيرة جدا ً من الناحية البحثية القانونية، فأغلب الذين كتبوا عن المحكمة الإلكترونية كانوا من المهتمين بالمجال المعلوماتي، ونظروا إليها بوصفها إحدى مخرجات الحكومة الإلكترونية،
أما هذا البحث فسوف يخصص لدراسة المحكمة من وجهة نظر قانونية.
ويمكننا أن نشير هنا إلى العائق الرئيس الذي واجهنا في معرض إعداد هذا البحث، وهو نقص المراجع القانونية المتخصصة عن المحكمة الإلكترونية. لذا فقد تم الاعتماد في معرض إنجازه على المراجع العلمية، والمراجع القانونية العامة، وهو أمر وفقا ً لرأينا الشخصي بقدر ما هو نقطة تسجل
على البحث، بقدر ما هو نقطة تسجل لصالح البحث، لأن َّه يبرر أهمية البحث وجدته وأصالته.
السبب الثالث: يتعلق بإشكالية المحكمة الإلكترونية التي يعتري تطبيقها كم لا يستهان به من الصعوبات، ولعلنا نستطيع أن نحددها من خلال طرح مجموعة من التساؤلات التي سوف نسعى من خلال ما سنقدمه إلى البحث عن إجابات لها، وهي:
4 د . خالد ممدوح إبراهيم، التقاضي الإلكتروني – الدعوى الإلكترونية وإجراءاتها أمام المحاكم، دار الفكر الجامعي، 2008، ص 1.
167

• ما مخاطر وجود مرفق العدالة في البيئة الإلكترونية، أو ما يعبر عنه بحوسبة التقاضي5؟ وكيف يمكننا التوفيق بين تطبيق المحكمة الإلكترونية وضمانات المحاكمة الأساسية؟
• ما هي شروط قيام المحكمة الإلكترونية؟ وما الآثار المترتبة على تبنيها؟ وهل يمكن الاعتماد على المحكمة الإلكترونية في ظل النظام القضائي السوري؟ وما الدور الذي يمكن للمحكمة الإلكترونية أن تؤديه في الارتقاء بأداء مرفق العدالة في سورية؟
فرضيات البحث:
يناقش البحث الفرضيتين الآتيتين ويحللهما للوصول إلى اختبار مدى صحتهما: الفرضية الأولى: يثير تطبيق المحكمة الإلكترونية في مجال العدالـة الجزائيـة –ولاسـيما الـصورة الافتراضية للمحكمة- كثيرا ً من الجدل. ففي حين يرى بعض الفقه أنه أسلوب مبتكر يحقـق للعدالـة
الجزائية ميزات عديدة، يرى جانب آخر من الفقه أنه يهدر روح القانون، ويهدد المبادئ الأساسـية في التقاضي. الفرضية الثانية: حرصت الأنظمة القضائية المتطورة على أن تكرس المحكمة الإلكترونية كنموذج مبتكر، يسعى إلى الاستفادة من المعطيات التقنية العلمية في مرفق العدالة، ويمكن تلمس ذلك من خلال تطبيق المحكمة الإلكترونية في تلك النظم، فيما لا تزال معظم الدول العربية تحبو في هذا المجال.
خطة البحث
يبدأ البحث بتحليل مفهوم المحكمة الإلكترونية ومقوماتها، ثم يعرض لتطبيق هذه المحكمة في النظم القضائية في العالم. لذلك سوف نقسم هذه الدراسة إلى الفصلين والمباحث الآتية: الفصل الأول- مفهوم المحكمة الإلكترونية المبحث الأول – ماهية المحكمة الإلكترونية المبحث الثاني- مقومات المحكمة الإلكترونية المبحث الثالث- تأصيل الجدل حول المحكمة الإلكترونية
5 الحوسبة مصطلح جديد ظهر مع انتشار استخدام الحاسب الآلي في جهات الحكومة المختلفة والقطاع الخاص، ويعني الاعتماد بصورة كلية أو شبه كلية على الحاسب الآلي وتطبيقاته في إنهاء الأعمال الخاصة بجهات الحكومة والقطاع الخاص، الأمر الذي يعني الدقة، وتوفير الوقت، والجهد، والمال في إنجاز هذه الأعمال. للتوسع في ذلك يمكن الرجوع إلى: د.عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني للحكومة الإلكترونية-الكتاب الأول: الحكومة الإلكترونية، دار الكتب القانونية، القاهرة،2007، ص63.
168
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

صفاء أوتاني
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012
الفصل الثاني- تطبيق المحكمة الإلكترونية المبحث الأول- تطبيق المحكمة الإلكترونية في النظم القضائية الأجنبية المبحث الأول- تطبيق المحكمة الإلكترونية في النظم القضائية العربية المبحث الثالث- إمكانية تطبيق المحكمة الإلكترونية في سورية
الفصل الأول
مفهوم المحكمة الإلكترونية
إن مجرد تعريف المحكمة الإلكترونية لا يكفي لاستيعاب مفهومها أو إدراك أهميتها. ومن أجل الوصول إلى ذلك سنحاول التعمق في تحديد ماهية المحكمة الإلكترونية، وكذلك تحليل شروط عملها، ثم نعرض للآراء المؤيدة والمعارضة لوجودها، وذلك من خلال المباحث الثلاثة الآتية:
المبحث الأول
ماهية المحكمة الإلكترونية
تفرض المحكمة الإلكترونية أسلوبا ً غير مألوف في تسيير الإجراءات والمعاملات القضائية، وذلك بالتحول من الإجراءات المعتمدة كليا ً على الورق إلى استخدام الوسائل الإلكترونية المستحدثة في قيد الدعوى، ومباشرة إجراءاتها، وحفظ ملفاتها.
نتناول بالتحليل في هذا المبحث تعريف المحكمة الإلكترونية في المطلب الأول، ثم نستعرض صورها في المطلب الثاني:
المطلب الأول
تعريف المحكمة الإلكترونية
تقوم فكرة المحكمة الإلكترونية على تشبيك الأجهزة القضائية كل ّها، وضمها ضمن إطار تفاعلي واحد، وذلك يستلزم ابتداء أتمتة عمل كل دائرة قضائية على حدة، وربطها معا ً لتؤدي عملها عبر الوسائل الإلكترونية، ولتجري الاتصالات بين المؤسسات القضائية عبر الوسائل ذاتها، ولتقوم قواعد البيانات
169
مقام الوثائق الورقية، والملفات، والأرشيفات، على نحو يتيح سرعة الوصول إلى المعلومات، وسرعة استرجاعها، والربط فيما بينها6.
وفكرة المحكمة الإلكترونية – كما الحكومة الإلكترونية- تعني الانتقال من تقديم الخدمات والمعاملات بشكلها الروتيني الورقي إلى الشكل الإلكتروني، وذلك عبر الإنترنت، فهي إعادة إدارة للأداء في مرفق العدالة، وهي -دون شك- وسيلة فاعلة لإدارة الوقت ضمن الاستراتيجيات الجديدة للتعامل مع
الوقت7.
من هنا يمكن تعريف المحكمة الإلكترونية أو المحكمة المعلوماتية بأنها: "حيز تقني معلوماتي ثنائي الوجود، يسمح ببرمجة الدعوى الإلكترونية، ويتألف من شبكة الربط الدولية إضافة إلى مبنى المحكمة، بحيث يتيح الظهور المكاني الإلكتروني لوحدات قضائية وإدارية، ويباشر من خلاله مجموعة من القضاة مهمة النظر في الدعاوى، والفصل فيها، بموجب تشريعات تخولهم مباشرة الإجراءات القضائية مع اعتماد آليات تقنية فائقة الحداثة لتدوين الإجراءات القضائية، وحفظ وتداول
ملفات الدعاوى"8. ولكن ما صور المحكمة الإلكترونية؟
6 بالمقارنة بين مفهوم المحكمة الإلكترونية ومفهوم الحكومة الإلكترونية نصل إلى أن المحكمة الإلكترونية إحدى مخرجات الحكومة الإلكترونية. للتوسع في تعريف الحكومة الإلكترونية يمكن الرجوع بشكل خاص إلى: المحامي يونس عرب، العالم الإلكتروني- والمحتوى الوسائل والميزات والسلبيات، المرجع السابق. 7 يرتبط مصطلح المحكمة الإلكترونية ارتباطا ً وثيقا ً بمفهوم التقاضي الإلكتروني الذي يعد مصطلحا ً حديث النشأة، ظهر بظهور وسائل التقانة الحديثة، خاصة منها شبكة الإنترنت، لذلك نادرا ً ما نجد ذكرا ً لهذا المصطلح في العلوم القانونية الحديثة، ولا نجد له أثرا ً في الكتب والمراجع القانونية والفقهية القديمة. ويعرف التقاضي الإلكتروني بأنه: "سلطة لمجموعة متخصصة من القضاة النظاميين بالنظر في الدعاوى، ومباشرة الإجراءات القضائية بوسائل إلكترونية مستحدثة، ضمن نظام قضائي معلوماتي متكامل الأطراف والوسائل". كما يعرف أيضا ً بأنه: "عملية نقل مستندات التقاضي إلكترونيا ً إلى المحكمة عبر البريد الإلكتروني، مع إخضاع هذه الوسائل والإجراءات للأصول المتبعة في الإثبات، بغية الوصول لفصل سريع في الدعاوى والتسهيل على المتقاضين. للتوسع في تعريف التقاضي الإلكتروني راجع بشكل خاص: د. خالد محمود إبراهيم، التقاضي الإلكتروني، مقالة ن ُشرت عبر شبكة الإنترنت، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.kenanaonline.com 8 في تعريف المحكمة الإلكترونية راجع بشكل خاص: م. نهى الجلا، المحكمة الإلكترونية/2، مجلة المعلوماتية )سورية(، السنة الخامسة، العدد 47، كانون الثاني 2010، ص 50.
وراجع أيضا ً: المحاكم المعلوماتية، مقالة ن ُشرت عبر موقع منتديات نقاوس، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.forum.ngaous.net
170
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني المطلب الثاني
صور المحكمة الإلكترونية ينطوي ضمن مصطلح المحاكم الإلكترونية مفهومان:
الأول ضيق ويقصد به التحكيم الإلكتروني أو المحكمة الافتراضية بالمعنى الضيق للكلمة الثاني واسع ويقصد به المحكمة التي تعتمد على التقنيات الإلكترونية في مباشرة إجراءاتها.
أولا ً- المحكمة الافتراضية أو "التحكيم الإلكتروني"
يقصد بالتحكيم الإلكتروني: التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة الإنترنـت، وهـو يكتـسب صـفة الإلكترونيةمنالطريقةالتييتمبها،حيثتتمبطريقة سمعيةبصريةعبرشـبكةدوليـةمفتوحـة للاتصال عن بعد، دون الحاجة إلى التقاء أطراف النزاع والمحكمين في مكان معين9.
ويعود سبب نشوء هذا النوع من التحكيم إلى حاجات عملية أفرزها تطور الحياة الاقتصادية، وازدياد حجم التجارة الدولية وأهميتها، وإبرام العقود وإنجاز الأعمال القانونية باستخدام تقنيات المعلومات والاتصال، كل ذلك أدى إلى ظهور عديد من المشكلات والصعوبات التي تعترض التجارة الإلكترونية، ولاسيما التناقض بين نطاق الحماية الإقليمية، وبين الطابع العالمي للشبكات التي تتم التجارة الإلكترونية عبرها10. وقد فتح استخدام الآليات التقليدية لتسوية المنازعات المجال لبروز مسائل
9 وللتوسع في التحكيم الإلكتروني أو التحكم الرقمي كما يسميه بعض فقهاء القانون. راجع بشكل خاص: هند عبد القادر سليمان، دور التحكيم الإلكتروني في حل منازعات التجارة الإلكترونية، ورقة عمل مقدمة إلى المؤتمر المغاربي الأول عن :المعلوماتية والقانون، يمكن الوصول إلى هذه الورقة بالدخول إلى موقع موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي على العنوان التالي: 17802=http://iefpedia.com/arab/?p، وراجع أيضا ً: هيثم عبد الرحمن البقلي، التحكيم الإلكتروني كأحد وسائل تسوية المنازعات، ورقة مقدمة للجمعية المصرية لمكافحة جرائم المعلوماتية والإنترنت، نقلا ً عن موقع .www.kenanaonline.com 10 تتمثل التجارة الإلكترونية في أنواع التعاملات التجارية كافة التي تتم إلكترونيا ً عبر شبكة المعلومات الدولية )الإنترنت(، وتجري هذه التعاملات سواء بين المشروعات )بين الشركات وموردي الإنتاج، أو منشآت التسويق أو التوزيع( ، أو بين الشركات وعملائها من المستهلكين، أو بين المنشآت والأجهزة الرسمية. وتغطي التجارة الإلكترونية مجالات عديدة تشمل نشاطات الترويج والدعاية والإعلان، وتقديم المعلومات عن السلعة أو الخدمة. كما تشمل إبرام عقود السلع والخدمات الإلكترونية، وإعطاء أوامر البيع والشراء والمتابعة الإلكترونية لعمليات التعاقد وتنفيذ الصفقات، والاستلام الفوري للسلع والخدمات عبر الشبكات أو خارجها، فضلا ً عن تسوية المدفوعات والسداد الفوري للالتزامات المالية.
171

عديدة عند استخدام هده الآليات في تسوية منازعات التجارة الإلكترونية، خاصة تلك المتعلقة بتحديد المحكمة المختصة و بسلطاتها وحدودها.
إزاء هذه الصعوبات والمشكلات اتجه العمل نحو إيجاد آليات بديلة لتسوية المنازعات باستخدام التقنية ذاتها، أي أن يجري حل المنازعات عبر شبكات الاتصال، فيتم تفادي الاصطدام بالطابع الإقليمي عبر تسوية غير مكلفة، وسريعة، وفعالة، ودولية، ذلك كله دون حاجة لوجود الأطراف
المتنازعة في مكان واحد11.
ويشمل نطاق التحكيم الإلكتروني التجارة الإلكترونية، والنظم والتقنية المعلوماتية، والحوسبة التطبيقية، والمعاملات الإلكترونية، والتحويلات التجارية على الإنترنت، والتعاملات البنكية ووسائل الدفع، وقوانين الملكية الفكرية المتعلقة بالإنترنت12.
وقد تبنت العديد من التنظيمات الاقتصادية الإقليمية، والاتحادات المهنية الأساليب الإلكترونية في تسوية منازعات التجارة الدولية. فجمعية المحكمين الأمريكيين طورت "نظام القاضي الافتراضي" الذي يتيح جريان التحكيم أو بعض أجزائه على شبكات الحواسب الآلية13.
وأيضا ً تنتمي إليه المحاكم الإلكترونية الخاصة بالمنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية "WIPO" 14، بالتعاون مع منظمة الآيكان "ICANN" المتعلقة بأسماء حقول الإنترنت15. فقد وضعت نظاما ً لتسوية
11 وهو ما وجد صداه في المادة 17 من التوجيه الأوربي رقم 31/2000 بشأن تنظيم الجوانب القانونية لخدمة مجتمع المعلومات، خصوصا ً التجارة الإلكترونية. كما نصت المذكرة التوضيحية للتوجيه الأوربي على أنه: " يسمح للدول الأعضاء في حالة النزاع أو الخلاف بين موردي خدمات المعلومات، والمتعاملين معهم على تسوية منازعاتهم بعيدا ً عن أروقة المحاكم و باستخدام الوسائل التكنولوجية في العالم الإلكتروني، وفي مجتمع المعلومات في فض المنازعات". للوصول إلى النص الكامل للتوصية يمكن
الدخول إلى موقع الاتحاد الأوربي على العنوان الآتي:
. http://www.europa.eu.int/comm/inter-market/en/finances/consumer/adr.htm
13 كما اعتمد مجمع لندن المعتمد للمحكمين بروتوكول استخدام تقنيات المعلومات في إدارة عملية التحكيم بموجب اتفاق المحكمين وأطراف النزاع، إذ ْ يهدف هذا البروتوكول إلى ضبط مناهج استخدام تقنيات المعلومات في تبادل المستندات وغيرها من المعلومات فيما بين أطراف النزاع والمحكمين، وفيما بين أطراف النزاع أنفسهم، وذلك بموجب قواعد باتفاق المحكمين، وأطراف
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
12 لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع إلى: د. هشام البخفاوي، تسوية المنازعات الإلكترونية، مقالة موجودة على موقع وزارة العدل المغربية، يمكن الوصول إليها من خلال الرابط الآتي: http://adala.justice.gov.ma/AR/home.asp، يحيى مفرح الزهراني، المحاكم الإلكترونية، مقالة موجودة على موقع صحيفة الاقتصادية الإلكترونية يمكن الوصول إليها من خلال الرابط
الآتي: www.aleqt.com
172
النزاع بما يلائم احتياجات عملية التحكيم.
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني منازعات أسماء الحقول)الدومين( عبر شبكات الحواسب الآلية، كما أنها وضعت نظاما ً للتحكيم
السريع.
نستخلص أن هذا النوع من التحكيم الإلكتروني )الافتراضي( هو صورة من صور التحكيم في مجالات التجارة الإلكترونية، والملكية الفكرية المتعلقة بالإنترنت16.
ثانيا ً- المحكمة بوسائل إلكترونية
يتعلق هذا النوع باستخدام تقنيات المعلومات والاتصال في إنجاز إجراءات التقاضي أمام المحاكم، بتحويل الإجراءات الاعتيادية )الورقية( إلى إجراءات إلكترونية، وذلك عن طريق الإنترنت.
ولا بد من الإشارة إلى أن ملفات الدعاوى الإلكترونية تختلف بالضرورة عما هو موجود حاليا ً، فتزول الآلية التقليدية في التدوين لإجراءات التقاضي، وتحل محلها آليات برمجية متطورة تختلف من حيث الشكل والمضمون، كما تختلف آلية تقديم البيانات، هذا النوع يؤمن وجود المحكمة في كل مكان وفي كل وقت )عبر شبكة الإنترنت(، الأمر الذي يؤدي إلى سرعة البت في الدعاوى من جهة، وتوفير
الجهد والمال على المتقاضين ومحاميهم من جهة أخرى17.
14 تجدر الإشارة إلى الدور الكبير الذي تمارسه المنظمة العالمية للملكية الفكرية "Wipo " وإسهاماتها الكبيرة في تطوير نظام التحكيم الخاص بالتجارة الإلكترونية وتفعيله، وتنظيم المنازعات الخاصة بالإنترنت، ولاسيما تلك المتعلقة بالملكية الفكرية، وأسماء المجالات، والعلامات التجارية. كذلك وضعت منظمة الويبو نظاما ً للتحكيم السريع )المعجل(. موقع هذه المحكمة على
شبكة الإنترنت: www.wipo.int/fr/arbit/acrupleوعنوان موقع مركز تحكيم الويبو هو: http://www.arbiter.wipo.int "Internet Corporation For أو )الآيكان( هو اختصار لهيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة (ICANN) 15 "Assigned Names and Numbers، وهي منظمة غير ربحية، مقرها لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، ُأسست ْ دوليا ً عام 1998 لتتولى مسؤولية تسجيل أسماء وأرقام نطاقات الإنترنت، وإدارة نظام سجلات المواقع العامة عالية المستوى )GTLD(، وسجلات المواقع عالية المستوى لرمز الدولة )CCTLD(، كما أنها تضطلع بمسؤولية وظائف إدارة نظام الخوادم المركزية.
يمكن الحصول على المزيد من المعلومات عن الآيكان من الموقع الإلكتروني الخاص بها على: www.icann.org
17 يحيى مفرح الزهراني، المحاكم الإلكترونية، المرجع السابق. 173
16 تجدر الإشارة إلى أن من أبرز توصيات المؤتمر الدولي - الذي عقد في القاهرة في الفترة من 2-4 حزيران 2009– حث الدول على إنشاء كيان دولي يساعد على التنسيق بين الجهات الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني لملاحقة المجرمين أينما كانوا، ولضمان نشر التعامل الآمن مع الشبكات الدولية، وذلك عن طريق إنشاء محكمة إلكترونية مستقلة للبت في التجاوزات والجرائم الإلكترونية. للتوسع: المحكمة الإلكترونية، مقالة ن ُشرت عبر موقع منتديات تونسيات، يمكن الوصول إليها من خلال
هذا الرابط: www.tunisia-sat.com

المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
ويناط بالجهة القائمة على إدارة الدائرة القضائية إلكترونيا ً دور مهم يتعلق بتحديد أنواع الدعاوى التي يمكن تسجيلها إلكترونيا ً، وكذلك بيان الوثائق والمستندات التي يمكن قبولها إلكترونيا ً18. وتبدأ الخصومة القضائية أمام المحكمة الإلكترونية، كما هي الحال في الوضع التقليدي، بموجب ورقة من أوراق المرافعات تسمى صحيفة الدعوى، تحتوي على البيانات ذاتها الموجودة على الصحيفة الورقية لاستدعاء الدعوى، إلا أنه في الخصومة الإلكترونية تكون صحيفة الدعوى محررة على مستند إلكتروني19، وت ُرسلُ إلى قسم الإحالات في المحكمة المختصة من خلال شبكة الإنترنت عبر البريد الإلكتروني حيث يتم قيدها. ويتعرف المدعي رقم دعواه الإلكترونية في الحال، ثم تقوم المحكمة بمراسلة المدعى عليه، وتبلغه استدعاء الدعوى المقامة ضده خلال مدة محددة من تسجيلها، وللمدعى عليه الحق في رفض قبول المثول أمام المحكمة، أو القبول بملء استمارة مماثلة لاستمارة المدعي. لا شك في أن هذا الإجراء يؤدي إلى تقصير أمد التقاضي، لما يخففه من تعقيد إجراءات التبليغ، والبحث المادي عن عناوين أطراف الدعوى والخصوم من قبل المحضرين، ومندوبي الإعلان20. كما أن توثيق المستندات المرفقة التي يمكن قبولها إلكترونيا ً -مشفوعة بالتوقيع الإلكتروني للمدعي والمدعي عليه- يقلل من إجراءات التبادل المادي للمعلومات عبر الأوراق التي تتطلب التصوير، وتبادل الاطلاع عليها من قبل أطراف الدعوى21.
18 للتوسع في هذه الإجراءات راجع بشكل خاص: المحامية علياء النجار، التقاضي الإلكتروني، مقالة موجودة على موقع منتديات نقابة المحامين في سورية، فرع حلب، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: . www.aleppobar.orgوالمقال ذاته موجود
على موقع منتدى محامي سورية )بوابة القصر العدلي الإلكترونية( على الرابط:
http://www.damascusbar.org/AlMuntada/showthread.php?p=23943 19 عرفت المادة الأولى من قانون التوقيع الإلكتروني وخدمات الشبكة رقم /4/ تاريخ 2009/2/19 الوثيقة الإلكترونية بأنها: "وثيقة تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل – كليا ً أو جزئيا ً- بوسيلة إلكترونية، وتكون قابلة للاسترجاع بصورة يمكن إدراكها". فيما عرف د. عبد الفتاح بيومي حجازي الوثيقة الإلكترونية بأنها: "كل جسم منفصل أو يمكن فصله عن نظام المعالجة الآلية للمعلومات، وقد سجلت عليه معلومات معينة، سواء كانت معدة للاستخدام بواسطة نظام المعالجة الآلية للمعلومات أو نظام مشتق من هذا النوع"، للتوسع في أحكام هذا القانون انظر: د. محمد سعيد إسماعيل، الإثبات بالوسائل الإلكترونية، الموسوعة القانونية المتخصصة، هيئة الموسوعة العربية، المجلد الأول، الطبعة الأولى، 2010، ص 17-21. 20 د. حسن علي عثمان، هنا...المحكمة الإلكترونية، مقالة موجودة على موقع جريدة الأهرام، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.ahram.org.eg 21 د. حسن علي عثمان، هنا...المحكمة الإلكترونية، المرجع السابق.
174

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني
في ظل هذه المحكمة يقع الدور المهم على عاتق موظف المحكمة المختص، الذي يقوم بأتمتة المعلومات الخاصة بأي دعوى من اللحظة الأولى لتسجيلها، وحتى آخر مرحلة من مراحلها القضائية، كما يقوم بتحديث البيانات تبعا ً لتقدم إجراءات الدعوى. كما يمكن تزويد كل محامٍ ببريد إلكتروني عن موقع المحكمة، بحيث يتلقى فيه المحامي طلبات المحكمة على بريده الإلكتروني22. فيقوم بحضور الجلسة العلنية لإبراز ما لديه من دفوع أو وثائق، أما ماعدا ذلك فيستطيع الحصول عليه وهو في مكتبه، وذلك من خلال الدخول إلى موقع المحكمة، ومتابعة أدق تفاصيلها ومراحلها. ومن هنا نستنتج أن هذا النوع من المحاكم الإلكترونية قابلة للتطبيق بشكل أوسع في معظم المحاكم، وفي معظم أنواع الدعاوى، نظرا ً إلى أن التحديث هنا ينصب على العمليات الإجرائية التي تتعلق بالإعداد للمحاكمة النهائية، دون المساس بالمبادئ التي يقوم عليها نظام الإجراءات القضائية.
المبحث الثاني
مقومات المحكمة الإلكترونية
تستلزم دراسة الكيفية التي يتم بموجبها تطبيق المحكمة الإلكترونية تفصيل تقنية عملها، ثم استعراض صور حماية بياناتها، وهو ما سنحلله فيما يأتي:
المطلب الأول
المتطلبات الفنية للمحكمة الإلكترونية من أهم المتطلبات الفنية للمحكمة الإلكترونية23:
أولا ً- الحاسوب: وهو جهاز إلكتروني يتعامل مع المعلومات والبيانات بتحليلها وبرمجتها وإظهارها وحفظها وإرسالها وتسلمها بواسطة برامج وأنظمة معلومات إلكترونية.
22 د. ناصر بن زيد بن ناصر بن داوود، حوسبة التقاضي "المحكمة الإلكترونية"، مقالة موجودة على موقع مركز الدراسات القضائية التخصصي، يمكن الوصول إليها من خلال الرابط الآتي: www.cojess.com. 23 للتوسع في تحديد مفهوم هذه الأجهزة انظر بشكل خاص: د. فتوح الشاذلي ود. عفيفي كامل عفيفي، جرائم الكمبيوتر وحقوق المؤلف والمصنفات الفنية ودور الشرطة والقانون – دراسة مقارنة-، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003، ص 21- 30، د. عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني للحكومة الإلكترونية _الكتاب الأول: الحكومة الإلكترونية_ المرجع السابق، ص 48-62، المحامي يونس عرب، العالم الإلكتروني- والمحتوى الوسائل والميزات والسلبيات، المرجع السابق، وانظر كذلك: م. نهى الجلا، المحكمة الإلكترونية/1، مجلة المعلوماتية )سورية(، السنة الرابعة، العدد 46، كانون الأول 2009، ص 53.
175

المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
ثانيا ً- شبكات الحاسب الآلي: مجموعة من الحاسبات الصغيرة أو الكبيرة التي تتصل فيما بينها، بحيث تتيح لكل وحدة على الشبكة الاستفادة من الموارد -بيانات ومعلومات- التي تتيحها هذه الشبكة.
ثالثا ً- الشبكة العالمية للإنترنت: الإنترنت شبكة الشبكات، وسيلة اتصال عالمية تتيح ربط نظم الحاسوب - سواء مفردة أو نظما ً مرتبطة ضمن شبكات أصغر محلية أو إقليمية أو دولية - بعضها ببعضها الآخر. فوجه الإبداع في الإنترنت أنه يمكن لأي مستخدم لحاسوب مرتبط بالشبكة الوصول إلى المعلومات )أيا ً كان شكلها(، والتشارك مع الآخرين في العمل في الوقت ذاته. ويجري تبادل الملفات بأنواعها عبر الإنترنت عن طريق البريد الإلكتروني.
رابعا ً- برامج الحاسوب الإلكترونية: هي مجموعة بيانات أو تعليمات إلكترونية تستخدم للتعامل مع المعلومات، إدخالا ً ومعالجة واسترجاعا ً ونقلا ً وتبادلا ً وتفاعلا ً، بغرض الوصول إلى نتائج محددة.
خامسا ً- قواعد البيانات والمعلومات: مجموعة من الملفات ترتبط ببعضها بعضا ً –بعلاقة- ما، كقاعدة البيانات الخاصة بمحاكم دمشق مثلا ً، وتشمل أسماء المحاكم والقضاة والمساعدين القضائيين، والدوائر القضائية والموظفين والمحضرين، وأرقام الجلسات في كل محكمة، وتاريخ قيدها.
سادسا ً- الأطر البشرية: وهي مجموعة من الفنيين والمختصين بالمجال التقني الذين يقومون بالعمل على هذه الأجهزة، واستخدام البرامج الإلكترونية اللازمة لها. وينبني على ذلك بأن يجب على المعنيين )القضاة وموظفي المحكمة والمحامين( والذين يقع عليهم عبء قيد الدعوى، ومتابعة
سيرها، والنظر فيها، أن يكونوا على دراية كافية وخبرة بالأعمال والبرامج الحاسوبية. المطلب الثاني
الحماية المعلوماتية والجنائية لبيانات المحكمة الإلكترونية
تعتمد المحكمة الإلكترونية على حاسبات آلية ترتبط ببعضها عن طريق شبكات داخلية، وترتبط هذه الشبكات بالشبكة العنكبوتية عن طريق وسائل الاتصالات الحديثة، ومن خلال هذه الشبكات يجري تداول بيانات المحكمة ومعلوماتها، على خطورة هذه المعلومات، وخصوصيتها وسرية بعضها.
176
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني
من هنا يعد نظام الحماية المعلوماتية والجنائية لهذه البيانات أحد مقومات المحكمة الإلكترونية، إذ يحقق الثقة والفاعلية في نظام المحكمة الإلكترونية، ويشجع المتقاضين للتعامل معها دون خوف أو تردد.
أولا ً- الحماية المعلوماتية
يقصد بالحماية المعلوماتية أو الفنية أو التكنولوجية اتخاذ تدابير وإجراءات عن طريق وسائل إلكترونية تعطل عملية التعدي على بيانات المحكمة الإلكترونية ومعلوماتها ومقوماتها، فضلا ً عن إمكانية الوصول إلى تحديد مرتكب هذه الأفعال24.
أما مظاهر الحماية المعلوماتية فلن نستعرضها جميعا ً، وإنما سنكتفي بإيراد أهمها:
• تشفير بيانات المحكمة الإلكترونية ومعلوماتها المتداولة عبر الشبكة: التشفير يعني تحويل الكلمات المكتوبة إلى أرقام أو إلى صورة رقمية لا يمكن معرفة مضمونها، إلا عن طريق فك
الشفرة ذاتها، وذلك بأن يكون لدى المستقبل القدرة على استعادة محتوى الرسالة، وذلك في
صورتها الأصلية قبل التشفير، وذلك باستخدام عملية عكسية لعملية التشفير التي تسمى الحل25.
• تأمين خصوصية المعلومات: يقصد بخصوصية المعلومات ألا ت ُست َخدم المعلومات في غير الغرض المرخص به من صاحب المعلومة، لذا يتعين أن يكون لدى المحكمة الإلكترونية وثيقة تسمى – وثيقة خصوصية المعلومات- وهذه الوثيقة تحدد الخطوات الواجب اتباعها للحصول على
مستويات عالية من الخصوصية.
• تأمين سرية المعلومات: ويقصد بالتأمين تحقيق الحماية لمحتوى البيانات ضد محاولات التغيير أو التعديل أو المحو، خلال مراحل تبادل المعاملات والوثائق، مع ضمان التحقق من شخصية المرسل أو المستقبل. ومن قبيل ذلك لا يمكن الحصول على تفاصيل الدعوى إلا من قبل أطرافها، إذ ْ تتولى الجهة القائمة على إدارة الدائرة القضائية إلكترونيا ً تحديد الأشخاص المصرح لهم بالدخول إلى نظام المعلومات وتسجيل الدعاوى والاطلاع عليها، كالقضاة وموظفي المحكمة والمحامين
24 للتوسع في نظم الحماية المعلوماتية للمحكمة الإلكترونية انظر بشكل خاص: د. عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني للحكومة الإلكترونية - الكتاب الثاني: الحماية الجنائية والمعلوماتية للحكومة الإلكترونية، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2007، ص 11-94. 25 للتوسع راجع: رامي نعمان الجاغوب، أمن وسرية المعلومات في الحكومة الإلكترونية، ندوة متطلبات الحكومة الإلكترونية، الإمارات، وزارة الداخلية من 4-5 شباط 2002.
177

والخبراء وأطراف الدعوى، وذلك بتزويد هؤلاء باسم مستخدم وكلمة مرور خاصة بكل منهم، لكي يتمكنوا من الاطلاع على أدق التفاصيل في دعواهم. وهذا النظام يضمن منع الأشخاص غير المرخص لهم من اختراق نظام المعلومات، والاطلاع على مستندات الدعوى.
ومن الإجراءات الفنية الأخرى: مكافحة فيروسات الحاسب الآلي26، وحفظ نسخ احتياطية من برامج الحاسب الآلي الخاصة بشبكات تشغيل هذه المحكمة، لأن نظام التشغيل هو أساس الحماية، وكذلك حفظ نسخ إضافية من البيانات والمعلومات المتداولة وذلك في مكان آمن، وتأمين أجهزة حواسب احتياطية – خادم احتياطي- لتحويل العمل إليه في حالة اختراق هذه البيانات وإتلافها أو تدميرها أو
تعطيلها عن العمل. وهذه العملية تسمى "النسخ الاحتياطي"27. ثانيا ً – الحماية الجزائية: يقصد بالحماية الجزائية تجريم أي صورة من صور التعدي على بيانات المحكمة الإلكترونية
ومعلوماتها وأموالها متى كان هذا التعدي يشكل جريمة في ذاته28.
أما أهم صور التعدي الجزائي على بيانات ومعلومات المحكمة الإلكترونية، فيتمثل في التزوير المعلوماتي، ويقصد به تغيير الحقيقة في المحررات أو الوثائق الإلكترونية التابعة للمحكمة الإلكترونية، وهو ما يطلق عليه "الوثيقة المعلوماتية" وذلك بنية استعمالها.
26 الفيروس المعلوماتي: مرض يصيب الحاسب الآلي والشبكات، وهو برنامج صغير يسجلُ أو يزرع على الأقراص أو الاسطوانات الخاصة بالحاسب، بحيث يظل خاملا ً مدة محدودة ثم ينشط فجأة في توقيت معين ليدمر البرنامج أو المعلومات المخزنة أو يتلفها جزئيا ً وذلك بالحذف أو التعديل. فهي برامج مهاجمة تصيب أنظمة الحاسبات بأسلوب يماثل -إلى حد كبير- أسلوب الفيروسات الحيوية التي تصيب الإنسان. للتوسع في مفهوم الفيروس وأنواعه راجع: هدى حامد قشقوش، الإتلاف العمدي لبرامج وبيانات الحاسب الإلكتروني، مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، جامعة الإمارات، 2000، ص 13، د. محمد سامي الشوا، ثورة المعلومات وانعكاساتها على قانون العقوبات، الطبــعة الثانية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص 189، د. فتوح الشاذلي ود. عفيفي كامل عفيفي، جرائم الكمبيوتر وحقوق المؤلف والمصنفات الفنية ودور الشرطة والقانون – دراسة
مقارنة، المرجع السابق، ص 215-223. 27 للتوسع في هذه الإجراءات راجع: الأمن على شبكة الإنترنت- دراسة منشورة في مجلة أمن المعلومات، الرياض، يمكن الوصول إليها من خلال الرابط الآتي:www.safola.com/security.ch.tmi 28 د. أحمد حسام طه تمام، الجرائم الناشئة عن استخدام الحاسب الآلي – الحماية الجنائية للحاسب الآلي. دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص 3.
178
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني
ومن صور التعدي كذلك الدخول إلى النظام المعلوماتي للمحكمة من قبل الأشخاص غير المرخص لهم بالدخول دون إذن، والبقاء فيه مدة طويلة، ومحاولة الحصول على معلومات من هذا النظام، ولاسيما أننا نعلم خصوصية معلومات المحكمة.
وكذلك من صور التعدي تدمير هذه المعلومات أو إتلافها على نحو يعدم الاستفادة منها، وكذلك التلاعب في بيانات شبكة المحكمة الإلكترونية.
نشير هنا إلى قصور النصوص الجزائية في التشريعات العربية الحالية عن ملاحقة الجرائم التي تقع عن طريق الحاسب الآلي أو الجريمة المعلوماتية، فهذه التشريعات لم تتناول جرائم الحاسب الآلي إلا فيما ندر، ولعل السبب في ذلك تأخر ظهور تقنية الحاسب الآلي وتطبيقاته في البلدان العربية قاطبة، الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة التكييف القانوني للواقعة، ويجعل مهمة القاضي الجزائي العربي صعبة، ويثقل كاهل الفقه الجزائي العربي في عملية تأصيل هذه الوقائع وتفسيرها. وعلى العكس من ذلك فإن الدول الأوربية وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول المتقدمة لديها تشريعات معلوماتية متقدمة، تستطيع من خلالها الحكم على الأفعال المجرمة التي تقع عن طريق الحاسب الآلي
والإنترنت، ومنها صور التعدي على بيانات المحكمة الإلكترونية29.
بعد دراسة ماهية المحكمة الإلكترونية وأهم مقوماتها، يجدر بنا الانتقال إلى تحليل الجدل الذي يثيـره وجودها في الفقه القانوني الذي ينقسم بين مؤيد لهذا الوجود، ومعارض له.
المبحث الثالث
تأصيل الجدل حول المحكمة الإلكترونية
كما في المجالات جميعها، إن إدخال أي تقنية حديثة تكون مبعثا ً للإعجاب من جهة، ومصدر خوف من جهة أخرى. وفيما يتعلق بالمحكمة الإلكترونية يعتقد بعضهم أن دخولها إلى المشهد القضائي سيكون مفيدا ً، ويعتقد آخرون أنه يجب أن نتوقف قبل أن نتخطى بعض الركائز الأساسية لنظام التقاضي. فمع الميزات التي تقدمها المحكمة الإلكترونية، تبقى المحكمة بشكلها التقليدي وورقياتها - بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الرأي العام- الصورة الأكثر حفاظا ً على مرفق العدالة، والأكثر
ملاءمة لتصورات الرأي العام –ولاسيما العربي- لهذا المرفق. 29 للتوسع في هذه النقاط انظر بشكل خاص: د. عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني للحكومة الإلكترونية - الكتاب
الثاني: الحماية الجنائية والمعلوماتية للحكومة الإلكترونية، المرجع السابق، ص9 و ص 172. 179

في هذا المبحث سوف نتناول الجدل المثار حول المحكمة الإلكترونية في مطلبين، نخصص الأول منهما لبيان حجج الاتجاه المؤيد لها، ونخصص الثاني لبيان حجج الاتجاه المعارض لوجودها.
المطلب الأول
حجج الاتجاه المؤيد
ينطلق مؤيدو المحكمة الإلكترونية من فكرة أساسية مفادها أن التقدم العلمي يفرض انتقالا ً إلى واقع جديد، يتفق مع المعطيات التي فرضتها تداعيات التقدم وقوانينه وآليات التعامل معه، فإذا طور المجرمون أنفسهم أساليبهم وصور جرائمهم، واستفادوا من معطيات العلم والتقنيات الحديثة لتسهيل ارتكاب جرائمهم، إلى الحد الذي جعلهم يخترعون عبر هذه التقنيات صورا ً لم نعرفها من قبل، كجرائم الحاسوب وغيرها، فلا أقل –لمواجهة هذا النوع من الجرائم- من أن تطور الأجهزة القضائية من
آلية عملها، لكي تستفيد من المعطيات العلمية الحديثة لتحسين أدائها30. ويفند المؤيدون الميزات التي تقدمها المحكمة على النحو الآتي:
أولا ً- السرعة والدقة بالنسبة إلى المتقاضين ومحاميهم:
• يرى المؤيدون أن التعامل مع الآلة أفضل من التعامل مع الإنسان، فهي لا تفرق بين متقاضٍ وآخر، لا من حيث المظهر ولا المركز الاجتماعي، كما أنه لا يمكنها تلقي الرشوة لتغليب طرف على آخر31.
• كما يرون أنها تختصر على المحامي كثيرا ً من المراجعات الإدارية غير الضرورية للمحاكم ودواوينها، فيستطيع - وهو في مكتبه- الدخول إلى موقع المحكمة، والاطلاع على ملف الدعوى ودراسته ومتابعته، مما يؤدي إلى نجاحه في أداء عمله، والارتقاء بأدائه المهني إلى مستوى
أفضل. • المحكمة الإلكترونية تغلق أبواب التخلف عن حضور الجلسات لإطالة أمد التقاضي، وتقطع
الطريق على افتعال الأعذار لكسب الوقت من الخصم المماطل. كما تترفق بالخصوم بعدم طلبهم
30 راجع في ذلك: المستشار محمد الألفي، الجريمة الإلكترونية خطر يتزايد، مقالة موجودة على موقع صحيفة سوق العصر الإلكترونية يمكن الوصول إليها من خلال الرابط الآتي: www.sokelasrmagazine.com 31 هذه الميزة موجهة بشكل خاص لصورة المحكمة المتجسدة "بالحاسوب القاضي" المطبقة في الصين والبرازيل )وهو ما سنبحثه تفصيلا ً في الفصل الثاني من هذه الدراسة(.
180
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني
في جلسات الدعوى جميعها؛ إذ يتعرض كثير منهم للتعطيل بسبب تأخير الجلسات المحددة أو تأجيلها، وتقلل النفقات والتكاليف بعيدة المدى، وتسهل الاستعلام عن المعاملات القضائية والصكوك العقارية والوكالات وغيرها 32.
• من جهة أخرى تخفف المحكمة الإلكترونية الازدحام في المحاكم، كما تقلل الاحتقانات والتوتر والمشاحنات بين الخصوم؛ خصوصا ً في الدعاوى التجارية والمالية، والدعاوى الأسرية الخاصة.
• تسمح آلية عمل المحكمة الإلكترونية في التدوين الإلكتروني بتوثيق الدعاوى، والأجوبة، والدفوع، والردود جميعها بعبارات الخصوم أنفسهم، دون أدنى تدخل من القاضي أو كاتبه في صياغة تلك المذكرات بالاختزال أو الحذف أو التعديل؛ مما يكون له الأثر الفاعل في صحة تصور الدعوى، والوصول إلى حكم سريع فيها، كما يقضي استخدام التقانة الحديثة على إدعاء الخصوم
بتحريف كلامهم، أو الزيادة فيه، أو النقص منه، فيما لو ظهر لهم أن الحكم في غير صالحهم33.
ثانيا ً- توفير الوقت والجهد بالنسبة إلى القضاة :
• تسمح المحكمة الإلكترونية بادخار نشاط القاضي الذي يهدر كثير منه في تهدئة الخصوم، وإفهامهم طلبات المحكمة. كما أن في تلقي لوائح الدعوى عبر البريد الإلكتروني، وتبادلها بين الخصوم بإشرافٍ قضائيٍ، تسهيل على المحكمة في جمع خيوط الدعوى ودراستها.
• يسهم استخدام التقنيات الحديثة في زيادة عدد الدعاوى التي ينظرها القاضي في اليوم الواحد؛ لأن تعامله سيكون مع المستندات الإلكترونية في المراحل الأولى للدعوى.
• يسهم استخدام التقانة في الارتقاء بأداء القضاة، فعندما يستخدم القاضي برامج إلكترونية قانونية، تحتوي على النصوص القانونية، والاجتهادات القضائية لإصدار حكمه، فإن ذلك سيساعده في التغلب على ضيق الوقت، وضخامة الأعمال المسندة إليه باستخدامه للتقنيات الحديثة34.
32 نواف صالح الزهراني، المحكمة الإلكترونية في عصر تكنولوجيا المعلومات، مقالة موجودة على موقع جريدة الرياض، يمكن الوصول إليها على الرابط: www.alriyadh.com 33 م. نهى الجلا، المحكمة الإلكترونية/1، المرجع السابق، ص 54. 34 يؤكد الأعباء الكبيرة المنوطة بالقضاة –ولاسيما في العالم العربي- ما جاء في حديث لمساعد وزير العدل الـمصري، منشور فـي مجلة روز اليوسف القاهرية، عـدد 24 تشرين الثاني 1997، حيث ذكر أن مجموع الدعاوى المنظورة أمام القضاء الجزائي في عامي 1996 و1997 قد بلغ /5,557,000/ دعوى. وبالمقابل ينظر في هذه الدعاوى 4725 قاضيا ً، بينهم 1760 مستشارا ً في محاكم الاستئناف و2691 قاضيا ً ورئيسا ً في المحاكم الابتدائية و272 مستشارا ً ونائبا ً لرئيس محكمة النقض. للتوسع
181

• كما أن هذه التقنيات تسهل عملية تدقيق الدعاوى عبر الاتصال بملف الدعوى عن بعد، وتمكن إدارات التفتيش، ومحاكم الاستئناف والنقض من الدخول إلى ملف الدعوى الأصل عند اللزوم؛ دون أعباء مالية، ولا مراسلات بريدية، ولا تأخير في الرد المطلوب.
ثالثا ً- تحسين شروط العمل بالنسبة إلى الجهاز الإداري القضائي: ومن هذه الشروط:
• ارتفاع مستوى أمان سجلات المحكمة، لأن الوثائق والمستندات الإلكترونية أكثر صدقية؛ فمن السهل اكتشاف أي تغيير أو تحوير فيها، بجانب سهولة الاطلاع عليها والوصول إليها.
• تعجيل إصدار الصكوك القضائية حاسوبيا ً، وكذا الإسراع في تنفيذ الأحكام35.
• كما تسهم الأتمتة في الاستغناء عن الأرشيف القضائي الضخم، ويستبدل به أرشفة بسيطة باستعمال أقراص ليزرية، ونسخ احتياطية عنها، تتسع للمعلومات جميعها، ولا تشغل إلا حيزا ً مكانيا ً بسيطا ً، بدلا ً من المستودعات الضخمة التي تشغل أماكن واسعة36. وفي الوقت ذاته يقلل
هذا الاستخدام من فقد ملفات الدعاوى، أو تلفها، أو حفظها في مكان خطأ37.
لهذه الميزات جميعا ً يرى المؤيدون أنه يجب تكييف تكنولوجيا المعلومات لتتأقلم مع العمل القضائي، وللوصول إلى رفع جودة الأداء في مرفق العدالة.
ولكن ما حجج معارضي المحكمة الإلكترونية؟
راجع: د. عبد الوهاب حومد، نظرات معاصرة على قاعدة قانونية الجرائم والعقوبات في التشريع، مقالة موجودة على موقع الدليل الإلكتروني للقانون العربي، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط:www.arablawinfo.com 35 يضيف المؤيدون حجة تتعلق بالتحكيم الإلكتروني وتتعلق سهولة الحصول على الحكم بسبب تقديم المستندات عبر البريد الإلكتروني، أو من خلال الواجهة الخاصة التي صممت من قبل المحكم، أو مركز التحكيم الإلكتروني، لتقديم البيانات والحصول على الأحكام موقعة من المحكمين. للتوسع: هند عبد القادر سليمان، دور التحكيم الإلكتروني في حل منازعات التجارة الإلكترونية، المرجع السابق. 36 مع العلم أن معظم الدوائر القضائية العربية تعاني من ضيق المكان.
182
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
37 للتوسع في هذه الميزات يمكن الرجوع إلى: د. ناصر بن زيد بن ناصر بن داوود، حوسبة التقاضي "المحكمة الإلكترونية"، المرجع السابق، ويمكن الرجوع أيضا ً إلى: التقاضي الإلكتروني أو نحو إرسال المحامي بالفاكس، مقالة موجودة على موقع منتدى المحامي الكويتي، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.lawyerkuwait.com .

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني المطلب الثاني
حجج الاتجاه المعارض
تتلخص حجج الاتجاه المعارض في أن المحكمة الإلكترونية تبدو وكأنها تلغي روح القانون، وتضحي بأسس المحاكمة العادلة، وتخاطر بخصوصية مرفق العدالة.
أولا ً- إلغاء روح القانون:
يرى كثير من معارضي المحكمة الإلكترونية أن التقاضي الإلكتروني يلغي روح القانون، ولاسيما إذا ما احتكمنا للآلة. فالخطر الأكبر يتعلق بالمساس بمبدأ حرية القاضي الجزائي في الاقتناع، ويتساءلون كيف يمكن الاحتكام إلى وجدان الحاسوب، وكل ما يقوم به تحليل البيانات المخزنة لديه لإعطاء الحكم؟ ويضيفون مأخذا ً آخر، فالمحكمة الإلكترونية تلغي حق المتهم في الاستفادة من المشاعر الإنسانية للقاضي البشري التي يطبعها العفو، والتسامح، مما يدعو القاضي لاستخدام سلطته
التقديرية في منح الأسباب المخففة.
ونرى هنا أن المعارضين محقون -إلى حد كبير- فيما ذهبوا إليه، وذلك إذا ما حلت البرامج الحاسوبية مكان القاضي البشري، كما في الطريقة الصينية والبرازيلية في تطبيق المحكمة الإلكترونية. لكن نتساءل بدورنا ما المخاطرة في أن يستعين القاضي بالبرامج الحاسوبية للوصول إلى حكم معلل، لا تشوبه شائبة قانونية في وقت قصير؟ إن استعانة القاضي بهذه البرامج يختصر عليه الكثير من الجهد، ويقلل من أعبائه، وهي بذلك تهيئ المناخ الملائم لتحقيق العدالة التي هي
الهدف الأسمى للقضاء38.
كما يضيف المعارضون محظورا ً آخر يتعلق بإلغاء جانبٍ من حقوق الدفاع، وذلك بتقليص الفرص في أن يستفيد المحامي من الدفوع الإجرائية والموضوعية39. وهنا نقول: إن الغرض من الدفوع الإجرائية –غالبا ً- ما يكون المماطلة، وإطالة أمد التقاضي، فإذا ما توصلت وسائل التقانة إلى الحد
من تلك الدفوع فإنها تكون قد خدمت العدالة. 38 ممن يدافعون أيضا ً عن وجهة النظر هذه: م. نهى الجلا، المحكمة الإلكترونية/1، المرجع السابق، ص 53.
39 للتوسع في هذه الآراء انظر: المحامية علياء النجار، التقاضي الإلكتروني، المرجع السابق. 183

ثانيا ً- المساس بضمانات المحاكمة العادلة:
يرى المعارضون أنه من الصعب تقبل وجود المحكمة الإلكترونية في الدعاوى الجزائية خشية المساس بضمانات المحاكمة العادلة ولاسيما مرحلة المحاكمة )التحقيق النهائي(، وهي مبادئ العلنية والشفهية والحضورية40.
فعلانية الجلسات تعني أن تبقى أبواب قاعة المحاكمة مشرعة أمام الجميع، ليحضر المحاكمة من يشاء من الجمهور دون تمييز، ويكون رقيبا ً على أعمال السلطة القضائية، واثقا ً بها، مطلعا ً على كل ما يجري أمامها41.
وقد قصد المشرع من مبدأ العلنية تحقيق غايتين أساسيتين: إعطاء ضمانة واسعة للمدعى عليه، لأن المحاكمة تجري بإشراف النائب العام. وحماية القاضي من الشكوك والريب التي قد تحوم حولـه، إذا أجريت المحاكمة سرا ً دون سبب قانوني42.
أما المبدأ الثاني الذي يخشى المعارضون مساس المحكمة الإلكترونية به فهو مبدأ الشفهية الذي تنبع جذوره من أن الأساس في الأحكام الجزائية أن تكون قائمة على قناعة القضاة، وهذه القناعة يجب أن تستقي عناصرها من الوقائع المبسوطة أمامهم. والحكمة من مبدأ الشفهية هي تطبيق "مبدأ المواجهة بين الخصوم"، كي تتاح الفرصة لكل من أطراف الدعوى أن يسمع ويواجه خصمه، ويتاح له معرفة
40 للتوسع في هذه المبادئ انظر باللغة الفرنسية بشكل خاص: J. Pradel, Procédure pénale, Cujas, 10ème éd. 2000, n° 248 et s.
41 كرس المشرع السوري مبدأ العلنية في التحقيق النهائي )المحاكمة(، وذلك سواء أمام محكمة البداية )المادة 190 من قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري(، أو أمام محكمة الصلح )المادة 216(، أو أمام محكمة الاستئناف )المادة 257(، أو أمام محكمة الجنايات )المادة 3/278 (. للتوسع في موقف المشرع السوري من مبدأ العلنية راجع بكل خاص: القاضي عبد الوهاب بدرة، دعوى الحق العام - الجزء الثالث )المحاكمة(، الطبعة الأولى، حلب، 1988، ص 108. د. عبد الوهاب حومد، أصول
المحاكمات الجزائية، الطبعة الرابعة، المكتبة الجديدة، دمشق، 1987، ص 815-816. 42 تجدر الإشارة إلى أن المشرع السوري لم يجز إجراء المحاكمة بشكل سري إلا في حالتين نصت عليهما المادتان 190 و278 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، حيث يجوز إقرار السرية في حالة المحافظة على النظام العام، وذلك مثلا ً عندما تتعلق بحوادث تخل بأمن الدولة، ويجوز إقرار السرية أيضا ً في حالة المحافظة على الأخلاق العامة )الجرائم المتعلقة بالعرض أو الشرف(. د. حسن جوخدار، أصول المحاكمات الجزائية- الجزء الثاني )المراحل الإجرائية التي تمر بها التهمة(، مطبعة الداودي، دمشق، 1998، ص 257.
184
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني ما لدى خصمه من أقوال وأدلة، وكي يسمع القاضي ويكون قناعته الوجدانية بحجج الأطراف التي
ق ُدمت أمامه في الجلسة43.
والمبدأ الثالث الذي يخشى المعارضون التضحية به هو مبدأ الحضورية أو مواجهة الخصوم، الذي يعني حضور الخصوم جميعهم أعمال التحقيق النهائي، ويترتب على هذا المبدأ أن للخصوم الحق في حضور أعمال التحقيق النهائي جميعها حتى يرى ويسمع كل منهم المرافعات وأقوال الشهود، وهم جميعا ً متساوون في حق تقديم أدلتهم الثبوتية، كما أن لكل خصم الحق في مناقشة البينات التي يتقدم
بها خصمه44.
أخيرا ً يخشى المعارضون على مبدأ تدوين الإجراءات القضائية45، الذي نصت عليه المادة 4/278 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وهو يستلزم ضرورة تنظيم محضر للمحاكمة ليعكس صورة صادقة على ما تم فيها من إجراءات ، ولكي تتمكن المحكمة التي ستنظر في الاستئناف أو الطعن من الرقابة
على الحكم، والتأكد من مراعاة الإجراءات القانونية من قبل المحكمة46.
ويرى المعارضون أن المحكمة الإلكترونية –ولاسيما صورتها الافتراضية- تمس هذه المبادئ مساسا ً كبيرا ً.
43 جاء نص المادة 176 من قانون أصول المحاكمات الجزائية صريحا ً في تبني مبدأ الشفهية فبين أنه لا يجوز للقاضي أن يعتمـد إلا على البينات التي قدمت في أثناء المحاكمة، وتناقش فيها الخصوم بصورة علنية، ذلك أن التحقيـق النهـائي يمثـل الفرصـة الأخيرة أمام الخصوم لإقناع القاضي بعدالة موقفهم. للتوسع في أسس مبدأ الشفهية راجع بشكل خاص: د. عبد الوهاب حومد، أصول المحاكمات الجزائية، المرجع السابق،
ص 823-828، د. حسن جوخدار، أصول المحاكمات الجزائية- الجزء الثاني )المراحل الإجرائية التـي تمـر بهـا التهمـة(، المرجع السابق، ص 259-263. 44 د. عبد الوهاب حومد، أصول المحاكمات الجزائية، المرجع السابق، ص 828-830. 45 نشير هنا إلى أن أعمال المحاكم القلمية تخضع لمراقبة رئيس دائرة، يعين في كل محافظة من قبل وزيـر العـدل، ويمـارس مهماته المنصوص عليها في القرار رقم 337 تاريخ 1961/3/26 ومنها مراقبة السجلات وجرد الصناديق والأمانـات وتـسجيل الأحكام ونسخها، وغير ذلك من الأعمال الإدارية. 46 وفق قواعد الإجراءات الجزائية يقوم كاتب المحكمة بتدوين وقائع المحاكمة، فيدون أقوال الخصوم والشهود والخبراء وما ق ُدم من أوراق وطلبات ودفوع ومرافعات. ويتمتع هذا المحضر بحجية قوية. فبموجب نص المادة 342 من قانون أصول المحاكمات الجزائية: " الأصل أن اعتبار الإجراءات قد روعيت في أثناء الدعوى، ومع هذا فلصاحب الشأن أن يثبت بالطرائق ك ّلها أن تلك الإجراءات قد أهملت أو خولفت، وذلك ما لم تكن مذكورة في محضر الجلسة أو في الحكم، فإذا ذكر في أحدهما أنها اتبعت فلا يجوز إثبات عدم اتباعها إلا بطريق الطعن بالتزوير" . للتوسع في موضوع تدوين إجراءات المحاكمة يمكن الرجوع إلى: د. حسن جوخدار، أصول المحاكمات الجزائية- الجزء الثاني )المراحل الإجرائية التي تمر بها التهمة(، المرجع السابق، ص 264.
185

بعض المؤيدين للمحكمة الإلكترونية يدافعون عنها بقولهم: إن العلنية متاحة من خلال قاعة الكورت روم )النموذج الأمريكي(، حيث تعرض فيه إجراءات المحاكمة أمام المحامين في قاعة تضم شاشة ضخمة للعرض47.
ونرى أن هذه الضمانات المتعلقة بالعلنية والشفهية والحضورية لا يمكن التفريط بها بأي حال من الأحوال، ومن الصعوبة بمكان تقبل الاحتكام للحاسوب في إصدار الأحكام، أو إجراء المحاكمة في مجال افتراضي – بشكل سري وكتابي وغيابي- ولاسيما المسائل الجزائية، لذلك يجب أن نفكر جيدا ً
في إجراءات تضمن هذه المبادئ، وتسمح بدخول التقنية إلى رحاب القضاء بآن معا ً.
أما فيما يتعلق بالتدوين فنرى أن المحكمة الإلكترونية لا تمسه بأي حال، بل تسهم في تعميقه، وغاية الأمر هو الاستعاضة عن الكتابة اليدوية بالنسخ الآلي، مما يسهم في توثيق إجراءات المحاكمة باستخدام وسائل التقانة، فيضمن السرعة والدقة والتوثيق.
ثالثا ً- المخاطرة بخصوصية مرفق العدالة:
حسب رأي المعارضين فإن المحكمة الإلكترونية تشكل خطرا ً على جهاز العدالة، إذ تجهز على السر المهني، وتهدد بالخطر خصوصيات الأفراد، في ظل تنامي ظاهرة التعدي المعلوماتي، بما يفتح المجال أمام المجرمين للتلاعب بالأدلة وتغييرها لصالحهم أو ضد غرمائهم؛ فلم يعد صعبا ً اختراق أشد أنظمة
المعلوماتية تعقيدا ً.
وهنا نشاطر معارضي المحكمة قلقهم، ونرى أنه لابد من إيلاء موضوع الأمن الإلكتروني للمحكمة أهمية خاصة، والعمل على إنشاء جهاز مناعة معلوماتي لها، يضمن حماية معلوماتها وبياناتها من المتطفلين وجماعات التخريب، ويحافظ على خصوصية المتقاضين، وخصوصية المحكمة، لأن عدم إنشاء مثل هذا الجهاز يمكن أن يؤدي إلى زعزعة فكرة المحكمة الإلكترونية من أساسه، كما قد
يؤدي –في أبسط الحالات- إلى ضعف ثقة المتقاضين بالنموذج الإلكتروني للمحكمة.
رابعا ً- النيل من قواعد تبليغ الأوراق القضائية:
يرى المعارضون أن التبليغ عبر البريد الإلكتروني يشكل نيلا ً خطيرا ً من قواعد التبليغ. فبموجب المادة 174 من قانون أصول المحاكمات الجزائية: "تبلغ الأوراق القضائية بمعرفة محضر أو أحد
47 للتوسع في رد مؤيدي المحكمة الإلكترونية على هذا المأخذ يمكن الرجوع إلى: المحامية علياء النجار، التقاضي الإلكتروني، المرجع السابق.
186
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني أفراد الشرطة أو الدرك وفاقا ً للأصول المتبعة في قانون أصول المحاكمات مع مراعاة الأحكام الخاصة
الواردة في هذا القانون".
ونرى أن المعارضين يجانبون الصواب في موقفهم، فليس هناك ما يمنع من أن يتم التبليغ بصورة إلكترونية، لكن لابد من حضور أطراف الدعوى أو شهودها إلى المحكمة شخصيا ً، وسماع أقوالهم وشهاداتهم بصورة شفهية، لأنها جزء من أدلة الإثبات التي يعتمد القاضي عليها في تكوين قناعته،
وغاية الأمر أنه في المحكمة الإلكترونية تتم الدعوة والتبليغ والتدوين بصورة إلكترونية.
ونشايع الأستاذ الدكتور عبد الوهاب حومد رأيه في أن تطور وسائل الاتصالات الفنية المعاصرة حفزت بعض المشرعين على الاستفادة من هذا التطور، فأجازت تبليغ الأشخاص المطلوبين "في حال السرعة" بكل الوسائل48، وقد ف ُسر هذا التعبير بجواز التبليغ بالهاتف والراديو والبرقيات وغيرها49،
وليس هناك ما يمنع من يضاف إلى تلك الوسائل التبليغ بالبريد الإلكتروني.
وبعد تحليل ماهية المحكمة الإلكترونية، وتفصيل مقوماتها، واستعراض أهم حجج مؤيديها ومعارضيها يمكننا القول: إن َّه يجب التمييز بين نوعين من الجوانب يمكن أن تطالهما المحكمة الإلكترونية بالتغيير:
جوانب يعد إدخال التقنية إلى رحابها نموذجا ً مقبولا ً كالتدوين الإلكتروني، والحفظ الآلي، والتبليغ الإلكتروني، والاطلاع على ملف الدعوى عبر موقع المحكمة، فهذه النماذج لا تمس بالمبادئ الجوهرية التي يقوم عليها النظام الإجرائي الجزائي، ويسهم في سرعة إنجاز الدعاوى وتبسيط إجراءاتها، وسهولة الاستعلام عن المعاملات القضائية، والصكوك العقارية والوكالات، وتقضي –إلى حد كبير- على المعاملات الورقية في الدوائر القضائية، على أن تبنيها يستلزم تعديل قانون أصول
المحاكمات، ولاسيما المواد المتعلقة بصحة التبليغ والتدوين.
48 من تلك التشريعات قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي الذي ينص في المادة 123 منه على أنه: "Les mandats d'amener et d'arrêt peuvent, en cas d'urgence, être diffusés par tous moyens".
للتوسع في موقف المشرع الفرنسي انظر بشكل خاص:
G. Stéfani, G. Levasseur et B. Bouloc, Procédure pénale, Précis Dalloz-Droit privé, 18ème éd. 2001, n° 921 et s.
Ph. Conte et P. Maistre du Chambon, Procédure pénale, Coll. U, Armand Colin, 3ème éd. 2000, p.
228-230; S. Guinchard et J. Buisson, Procédure pénale, Coll. Juris Classeur-Manuels, Litec, 2ème éd. 2002, n° 1074 et s.
49 د. عبد الوهاب حومد، أصول المحاكمات الجزائية، المرجع السابق، ص 727. 187

وجوانب لا يمكن أن تدخل التقنية إليها، إذ لا يمكن أن تحل الآلة محل القاضي، وتأخذ دوره، ولا يمكن التغاضي عن مبادئ العلنية والشفهية والحضورية إلا في نطاق محدود خاص بالمنازعات الإلكترونية ذات الطابع الدولي. بعد دراسة مفهوم المحكمة الإلكترونية من الناحية النظرية، لابد من الانتقال إلى دراسة تطبيقها من الناحية العملية في النظم القضائية التي تبنتها، وهذا ما سنعرضه في الفصل الثاني من هذا البحث.
الفصل الثاني
تطبيق المحكمة الإلكترونية
عند دراستنا للنماذج التي تبنت المحكمة الإلكترونية سنحاول استعراض أنظمة تلك المحاكم لاستنباط أهم الاتجاهات التي يمكن أن تساعد المشرع السوري والعربي لدى تبنيه للمحكمة الإلكترونية بما يتلاءم وقواعده وأسسه القضائية. فمما لا شك فيه أن تبني هذا النظام من قبل النظم القضائية المقارنة كان حصيلة جهود كبيرة، ونتاجا ً لحركة تشريعية لا يستهان بها. كما أن الميزات العملية التي تتسم بها المحكمة الإلكترونية أسهمت -دون شك- في دفع الأنظمة القضائية المعاصرة إلى
تبنيها. وقد ظهرت الصورة الأولى للمحكمة الإلكترونية في الولايات المتحـدة الأميركيـة، وذلـك بتـسوية منازعات التجارة الإلكترونية عن طريق استخدام شبكة الإنترنت )التحكـيم الإلكترونـي( واسـتخدام برنامج القاضي الافتراضي، وهو فكرة أمريكية تم إرساء دعائمها في آذار 1996 من قبـل أسـاتذة مركز القانون وأمن المعلومات50. وقد دعمت هذا النظام جمعية المحكمين الأمريكيين، ومعهد قـانون الفضاء، والمركز الوطني لبحوث المعلوماتية الأمريكي. وكان هدف المشروع الرئيس إعطاء حلـول سريعة للمنازعات المتعلقة بالإنترنت عن طريق وسيط معتمد من المركز تكون له خبرة قانونية فـي التحكيم والقوانين الناظمة للتجارة الإلكترونية وعقودها وقانون الإنترنت. ويقوم القاضي الافتراضـي المتخصص بالتحاور مع أطراف النزاع الذين طلبوا الخضوع لأحكام هذا النظام عن طريـق البريـد الإلكتروني، على أن يفصل في النزاع خلال )72( ساعة51.
50 عنوان المركز على الشبكة العنكبوتية هو: 8080:http://vmag.law.vill.edu . 51 وتجدر الإشارة إلى أن القرار الذي يصدره القاضي يكون مجردا ً من القيمة القانونية إلا إذا قبله الأطراف، ويقدم هذا المركز حتى الآن خدماته مجانا ً. لمزيد من التفاصيل راجع: هند عبد القادر سليمان، دور التحكيم الإلكتروني في حل منازعات التجارة الإلكترونية، المرجع السابق.
188
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني واليوم وبعد مرور خمسة عشر عاما ً على إنشاء أول محكمة إلكترونية، ما المراحل التي وصلت إليها
هذه المحكمة في الدول الأجنبية والعربية؟ هذا ما سنجيب عليه في المباحث الثلاثة الآتية: المبحث الأول
تطبيق المحكمة الإلكترونية في النظم القضائية الأجنبية
تجدر الإشارة إلى أننا لن نستعرض في هذا المبحث التجارب الأجنبية جميعها، وإنما سيقتصر عرضنا على التجارب المتميزة منها فقط52، كما في الصين وسنغافورة والبرازيل، غير ما ذكرناه عن الولايات المتحدة الأميركية، وذلك في المطالب الآتية:
المطلب الأول
الحاسوب القاضي في الصين سنتعرف أولا ً المحكمة الإلكترونية في الصين، ثم نعرض آلية سير الدعوى أمامها: أولا ً- التعريف بالمحكمة:
أنشأت الصين وتحديدا ً في مدينة زيبو - في إقليم شاندونج - محكمة" إلكترونية"53، تعتمد على برنامج حاسوبي متطور، يقوم هذا البرنامج بحفظ القوانين والأنظمة النافذة كافة ، وذلك فضلا ً عن حفظ ظروف الإدانة المحتملة، والسوابق القضائية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه "المحكمة" أصدرت ألف حكم قضائي، وفق آلية الاستعانة بهذا البرنامج.
ثانيا ً- آلية سير الدعوى أمامها: تبدأ الدعوى أمام المحكمة "الإلكترونية" بإعداد كل من الدفاع والادعاء لمعطياتهما ومطالبهما على
قرصين مدمجين )CD( يملكان السعة ذاتها، ثم ت ُدخ َلُ بيانات هذين القرصين إلى البرنامج الحاسوبي
52 تركيا مثلا ً قامت بتطبيق مشروع النظام القضائي الأعلى المتصل بمكاتب المحامين والمحاكم والمواطنين لتحقيق الخدمة المثلى والأسرع للمواطن والتقليل من الأخطاء القضائية، وهي خطوة على طريق إنشاء المحكمة الإلكترونية. لمزيد من التفاصيل حول التجربة التركية انظر أوراق عمل المؤتمر الوطني الثالث للحكومة الإلكترونية المنعقد في دمشق من 13-14 تشرين الأول 2009. حول هذا المؤتمر بشكل عام انظر: م. عبد االله عيسى، المؤتمر الوطني الثالث للحكومة الإلكترونية، مجلة المعلوماتية
)سورية(، السنة الرابعة، العدد 45، تشرين الثاني 2009، ص 40-43. 53 حسب خبر تناقلته وكالة "شينخوا" الحكومية وأشارت إليه المحامية علياء النجار، التقاضي الإلكتروني، المرجع السابق.
189

المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق( الاحتكام للقاضي الإلكتروني، الذي يمكنه أن يطلب رأي القاضي "البشري" بخصوص بعض التفاصيل
الخاصة، أو تلك المتعلقة بالنواحي الإنسانية قبل أن يقوم بإصدار الحكم، والعقوبات المفروضة. المطلب الثاني
التحكيم السريع في سنغافورة سنبحث أولا ً في اختصاص المحكمة الإلكترونية في سنغافورة، ثم نعرض آلية عملها54:
أولا ً- اختصاص المحكمة:
أنشأت سنغافورة أول محكمة إلكترونية على شبكة الإنترنت في 552000/9/17، وهي محكمة ذات طابع تحكيمي56، وتختص بفض نوعين من النزاعات وتسويتها:
• النزاعات المتعلقة بالتجارة والأعمال الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية. وقد حت ّم إنشاء هذه المحكمة طبيعة التجارة الإلكترونية التي تختلف عن التجارة التقليدية، وتمتاز بتباعد المسافات الجغرافية بين التجار والشركات، أو بينهم وبين عملائهم57.
• النزاعات المتعلقة بملكية عناوين النطاق58، أو ملكية الأفكار الإلكترونية، والدعاية على الإنترنت.
54 للتوسع في النموذج السنغافوري يمكن الرجوع إلى: التقاضي الإلكتروني أو نحو إرسال المحامي بالفاكس، المرجع السابق. 55 عنوان المحكمة على شبكة الإنترنت هو: www.e-adr.org.sg 56 تنتمي هذه المحكمة إلى مراكز التحكيم الإلكتروني، أو ما يعرف بمراكز التحكيم عن بعد، ويمكن تعريفها بأن َّها: " وسيط محايد ونزيه موجود في شكل مراكز على شبكة الإنترنت، يوافق أطراف النزاع على العمل معه، للوصول إلى حل للنزاع، مع إعطاء السلطة الكاملة للأطراف لحل النزاع دونما أي قرارات يفرضها الوسيط أو غيره". للتوسع راجع: هند عبد القادر سليمان، دور التحكيم الإلكتروني في حل منازعات التجارة الإلكترونية، المرجع السابق. 57 من هنا ع ّلق وزير العدل السنغافوري "هو بنغ كي" على إنشاء هذه المحكمة في بلاده سنغافورة -البلد الصغير بحجمه والكبير باستثماراته- بقوله: "سواء رضينا بذلك أم لا، فإن الإنترنت جعل من عمل المحاكم اليوم عابرا ً للحدود؛ وهذا ما سيجبر رجال الأعمال والمال على اختيار الأسلوب الأمثل للتعامل شبكيا ً في المستقبل". ذكرت في مقالة المحامية علياء النجار، التقاضي الإلكتروني، المرجع السابق. 58 يقصد بالنطاق الاسم الذي يشير إلى الحيز الذي تملكه مؤسسة معينة من فضاء الإنترنت، ويمكن ترجمته إلى عنوان معين في الشبكة، مثال ذلك: Presidency.gov.eg . لمزيد من التفصيلات راجع: د. مصطفى محمد موسى، التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية، الطبعة الأولى، مطابع الشرطة، القاهرة، 2009، ص 65.
190

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني ثانيا ً- آلية عملها:
تعمل هذه المحكمة -حسب تصريح رئيس قضاتها يونغ بوها- على أساس آلية المحاكم القانونية التقليدية، وهي تشترك في معرض قيامها بعملها مع سبع جهات قانونية أهمها: وزارة العدل السنغافورية، والمجلس الاقتصادي التنموي، ومحاكم الخلافات الصغيرة، ومركز فض المنازعات،
والمركز الدولي السنغافوري للوساطة.
تبدأ إجراءات الخصومة أمام المحكمة بدخول المدعي إلى موقع المحكمة، وتقديمه بياناته في استمارة مخصصة لذلك على هذا الموقع، ويستلم على الفور رقم دعواه. أما الخطوة التالية فتتمثل بتبليغ الطرف الثاني )المدعى عليه( خلال ثلاثة أيام من قيد الدعوى، وذلك بواسطة البريد الإلكتروني.
وفي هذه المرحلة نتلمس الطابع التحكيمي لهذه المحكمة من خلال أمرين:
الأول يتعلق باشتراط قبول المدعى عليه التقاضي أمامها، ويعبر عن هذا القبول بأن يقوم المدعى عليه – بعد تزويده بنموذج للرد )لائحة جوابية(- بإملاء النموذج الذي يتضمن فضلا ً عن بياناته، قبوله التقاضي أمامها، ودفوعه، وذلك خلال أربعة أسابيع من استلامه لوثائق الدعوى.
والثاني يتعلق بشطب الدعوى من جدول دعاوى المحكمة، وذلك في حال لم يرد المدعى عليه على استدعاء الدعوى. في حال قبول المدعى عليه للتقاضي أمام المحكمة، تقوم المحكمة بإعداد صفحة عرض المنازعة على موقع إلكتروني معد لذلك، وتعطي الطرفين كلمة مرور تخولهم دخول الموقع، والاطلاع على صفحة المنازعة التي تقوم بالفصل فيها وفق جدول زمني محدد، يمكن لأطراف
الدعوى أنفسهم اقتراحه. وفي معرض قيام المحكمة بمباشرة عملها، يمكنها أن تستعين بالخبراء القانونيين، كمـا يمكنهـا أن
تنظم لقاءات بين أطراف الدعوى، وأن تطلب الوثائق الضرورية للفصل بها. المطلب الثالث
العدالة على عجلات في البرازيل
يقوم النموذج البرازيلي في تطبيق المحكمة الإلكترونية على استخدام برنامج حاسوبي، يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يعرف "بالقاضي الإلكتروني"، سنعرض فيما يأتي لمجال تطبيقه، ثم الغاية منه:
191

أولا ً- مجال تطبيق "القاضي الإلكتروني":
يقتصر مجال تطبيق هذا البرنامج على حوادث السير البسيطة، حيث يوجد هذا البرنامج على جهاز حاسوب محمول، يحمله قاض متجول، والهدف منه سرعة المساعدة في تقييم شهادات الشهود، وتمحيص الأدلة بطريقة علمية في مكان وقوع الجريمة، وقد صمم هذا البرنامج القاضي فالس فيو روزا عضو محكمة الاستئناف العليا في ولاية إسبيريتو سانتو، وخضع البرنامج قبل تسويقه لاختبار
ثلاثة قضاة في الولاية.
يط َبق ُ البرنامج من الناحية العملية بعد أن تنبه الشرطة فريق العدالة المحمولة إلى الحوادث الصغيرة التي يتطلب البت فيها، فيصل الفريق إلى موقع الحادث خلال عشر دقائق، وبعد طرح بعض الأسئلة البسيطة من قبل القاضي الإلكتروني مثل "هل توقف السائق عند ظهور الضوء الأحمر؟ " و"هل كان السائق متعاطيا ً للمشروبات الكحولية فوق المعدل الذي حدده القانون؟" وبعد الإجابة عن هذه الأسئلة بنعم أو لا يصدر البرنامج الحكم، كما يعطي البرنامج للقاضي أسباب الحكم مطبوعة جاهزة59، وفي
حال اختلاف الحكم الذي أصدره البرنامج مع رأي القاضي البشري يمكن تجاوز حكم البرنامج60.
ثانيا ً- الغاية من استخدامه:
يعد هذا البرنامج جزءا ً من خطة يطلق عليها "العدالة على عجلات"، ومن المنتظر أن يسهم هذا البرنامج في تسريع البت في دعاوى السير المتراكمة في البرازيل، وذلك بالحكم الفوري في الحالات غير المعقدة.
ويقول مصمم البرنامج أن الفكرة لا تعني أن يحل البرنامج الحاسوبي محل القضاة الحقيقيين، ولكنه يجعل أداءهم أكثر كفاءة. فمعظم حوادث السير الصغيرة -التي تتطلب السرعة في البت - لا تتطلب سوى بعض الأسئلة البسيطة لفصلها، ذلك أن تحديد الحكم في هذا النوع من القضايا -كما يقول القاضي فيو روزا في مجلة نيو ساينتست- يعتمد على المنطق المحض فقط دون الحاجة إلى تفسير
59 يقصد بأسباب الحكم "حيثياته" أو "أسانيده"، القانونية والواقعية التي تبرره وتعطيه الحقيقة الاقناعية، لأنها تبرهن لمن يقرؤه أن المحكمة فكرت في الأمر جيدا ً قبل إصداره، وأنها اعتمدت على منطق سليم، واستخلاص قويم من نصوص القانون، وبانطباقها على الواقعة. د. عبد الوهاب حومد، أصول المحاكمات الجزائية، المرجع السابق، ص 953. 60 التقاضي الإلكتروني أو نحو إرسال المحامي بالفاكس، مقالة موجودة على موقع منتدى المحامي الكويتي، المرجع السابق، المحامية علياء النجار، التقاضي الإلكتروني، المرجع السابق.
192
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني القانون، ويتساءل القاضي فيو روزا إن لم نكن مهتمين بغير المنطق، فلماذا لا نعطي المهمة
للحاسوب؟
نلاحظ أن النظم القضائية الأجنبية قد تبن َّت صورا ً مختلفة لاستخدام التقنيات الحديثة في نطاق المحكمة الإلكترونية، ولكن ما الحال في البلدان العربية؟ هذا ما سنعرض له في المبحث الآتي:
المبحث الثاني
تطبيق المحكمة الإلكترونية في النظم القضائية العربية
ما تزال النماذج العربية في المحاكم الإلكترونية في بداياتها، إذ ْ إن بعض الدول العربية وفرت للمتقاضي خدمة الاستعلام عن بعد، ، فالعراق مثلا ً طبق نظام البريد الإلكتروني أول مرة في محكمة الكاظمية في 2008/4/15، وذلك بالتزامن مع افتتاح عدد إضافي من دور العدالة في العراق، واعتماد التكنولوجيا الحديثة في مجال إدارة القضاء61. وقد استخدمت محاكم الاستئناف في العاصمة بغداد الإنترنت في مجال إدارة القضاء في الأشهر الستة الأولى من عام 2008، وعممت ْ هذه الآلية في النصف الثاني من عام 2008 على محاكم الاستئناف الأخرى في محافظات العراق كل ّها.
على جانب آخر، بدأت وزارة العدل المصرية ببناء قاعدة معلومات لأحكام محكمة النقض، وأحكام المحكمة الإدارية العليا، بحيث يصبح الطريق ميسرا ً لعمل إصلاح تشريعي على أسس دقيقة وشاملة، وتبني نظام المحكمة الإلكترونية62.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم الدول العربية تخطو خطوات خجولة في هذا المجال، ويعود ذلك أما إلى خشية عواقب هذه التقنيات الحديثة، أو إلى عدم اقتناع المسؤولين عن مرفق العدالة بفعالية هذه الخدمات، أو لقلة الكفاءات الملمة ببرامج الحاسب الآلي في الأجهزة القضائية لهذه الدول63 .
61 صرح بذلك الناطق باسم مجلس القضاء الأعلى العراقي القاضي عبد الستار البيرقدار، في خبر أوردته وكالة الأنباء براثا بتاريخ 2008/4/15 يمكن الوصول إلى الخبر عبر موقع الوكالة، وذلك على العنوان الآتي: .www.burathanews.net ، والخبر ذاته أوردته جريدة الشرق، بعنوان: البريد الإلكتروني يدخل إلى محكمة الكاظمية من أوسع أبوابها، العدد رقم 374
تاريخ الأربعاء 16 / 4 / 2008 ، ويمكن الوصول إليه بالدخول إلى موقع الجريدة على العنوان: www.alsharqpaper.net 62 يرى المهتمون أن لا غنى عن هذه الخطوات على طريق تأسيس بنية هيكلية للمحكمة الإلكترونية في مصر، للتوسع راجع: د. عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني للحكومة الإلكترونية- الكتاب الأول "الحكومة الإلكترونية"، المرجع السابق، ص40.
193

المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
وفي هذا المبحث سنستعرض التجربتين المغربية والسعودية، كونهما تعدان التجربتين الأكثر نضوجا ً بين التجارب العربية، وذلك في المطلبين الآتيين:
المطلب الأول- ملامح المحكمة الإلكترونية في المغرب
أنشأت وزارة العدل المغربية موقعها الإلكتروني64، ويتضمن فيما يتضمنه ثلاث بوابات نعرضها فيما يأتي لنتلمس ملامح المحكمة الإلكترونية في المغرب:
أولا ً- بوابة التقاضي الإلكتروني: يمكن من خلال هذه البوابة الولوج إلى التنظيم القضائي في المغرب والتعرف إليه، والدخول إلى موقع أي محكمة في أي مدينة في المغرب، كالرباط و الدار البيضاء و فاس و غيرها، والتعرف إلى معلومات خاصة بها. فلدى الدخول إلى موقع محكمة الاستئناف التجارية بفاس مثلا ً65، يمكننا أن نجد رابطا ً خاصا ً للتعريف بالمحكمة ودائرتها القضائية، كما يمكننا الموقع من الحصول على خدمات إلكترونية قانونية، كالاطلاع على معلومات تخص ملفا ً معينا ً، والاطلاع على جدول الجلسات حسب التاريخ المحدد، وكذلك الاطلاع على لائحة القضاة ولائحة الخبراء، وبذلك فإن هذا الموقع يوفر للمتقاضين )أطراف الدعوى(، والمحامين الحصول على المعلومات المطلوبة في أقل وقت ممكن، وطيلة أيام الأسبوع، وفي أي نقطة في العالم عبر الشبكة العنكبوتية، وفي الوقت ذاته يجنبهم الاكتظاظ داخل دوائر المحكمة، خاصة في أوقات الجلسات.
ثانيا ً- البوابة القانونية والقضائية: يمكن بفضل هذه النافذة للمحامين والقضاة والباحثين القانونيين الحصول على النصوص القانونية الوطنية، والعربية، والمراجع المتعلقة بكل نص منها، بما فيها المؤلفات الفقهية، والرسائل الجامعية، والدراسات والبحوث، والاجتهادات القضائية ذات الصلة، حيث حملتها الوزارة جميعا ً عبر الشبكة العنكبوتية66.
63 للتوسع في هذه المسوغات راجع: التقاضي الإلكتروني أو نحو إرسال المحامي بالفاكس، مقالة موجودة على موقع منتدى المحامي الكويتي، المرجع السابق. 64موقع وزارة العدل المغربية على شبكة الإنترنت هو: www.justice.gov.ma 65 يمكن الوصول إلى موقع محكمة الاستئناف التجارية بمدينة فاس المغربية من خلال العنوان الآتي: http://www.cacfes.ma/index.htm
66 يمكن الوصول إلى البوابة القانونية والقضائية في وزارة العدل المغربية عبر عنوان البوابة على الشبكة العنكبوتية: http://adala.justice.gov.ma
194

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني ثالثا ً- مركز تتبع الشكايات وتحليلها 67:
يتمكن المواطنون من خلال هذه البوابة من تقديم شكاواهم وتظلماتهم إلى وزارة العدل، دون تجشم عناء الانتقال إليها –ولاسيما أولئك الذين يقطنون في مدن وقرى نائية- لتسجيلها والاستفسار عن مآلها، وهي تجسيد للسعي لتحسين خدمات الوزارة وتطويرها.
وقد صمم موقع هذا المركز باللغتين العربية والفرنسية، ويستطيع المستخدم بعد اختيار إحدى اللغتين، الولوج إليه من خلال صفحتين رئيستين: الأولى خاصة بتقديم الشكوى، يستطيع من خلالها أي شخص يرغب في تقديم شكواه أو تظلمه أن يقوم بتسجيل معلوماته الشخصية بصورة إلزامية، فضلا ً عن معلومات حول موضوع الشكوى مع إمكانية إرفاقها بوثائق أو معلومات إضافية. والثانية، تأتي بعد تأكيد تسجيل الشكوى بنجاح، حيث يتم إشعار المشتكي عبر بريده الإلكتروني برسالة تتضمن رقم الشكوى، والرقم السري الخاص بها، حتى يتسنى له معاينة الإجراءات المتخذة بخصوصها من خلال صفحة أخرى خاصة بتعرف مآل الشكاوى المحالة إلى مركز تتبع وتحليل
الشكاوى الذي سيتولى دراستها وإحالتها على الدوائر المختصة بالوزارة.
المطلب الثالث
الاستفادة من التقنيات الحديثة في العمل القضائي في السعودية
تعد محكمة جدة أول محكمة في المملكة العربية السعودية تعمل بنظام التقاضي الإلكتروني، باستخدام النظام الشامل، بدءا ً باستقبال المعاملات والاستدعاءات إلكترونيا ً، وانتهاء باستخراج الصك القضائي. تقوم المحكمة باستلام أوراق الادعاء من خلال دخول المدعي إلى موقع المحكمة لتسجليها إلكترونيا ً، ثم تتابع سير إجراءاتها في المحكمة آليا ً، فت ُدون جلسات التقاضي باستخدام الحاسب الآلي، وذلك مرورا ً بمحاضر الجلسات، وانتهاء بإصدار الحكم في آخر جلسة68. وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للقضاء يدرس حاليا َ تطوير عملية التفتيش القضائي بالحاسب الآلي، وتحويل جزء من أعمال التفتيش القضائي إلى إلكتروني، ويجري ذلك بدخول قضاة التفتيش في
67 عنوان مركز تتبع وتحليل الشكايات هو: http://www.justice.gov.ma/plaintes / 68 يرى المهتمون أنه مع إدخال مهام الأقسام القضائية الأخرى كصحائف الدعوى، والمواعيد، والإحضار، والحجز والتنفيذ، والخبراء في المحاكم، يمكن إلغاء الكتابة اليدوية تدريجيا ً في الضبوط والسجلات، والتخلص من المراسلات الورقية تماما ً. نواف صالح الزهراني، المحكمة الإلكترونية في عصر تكنولوجيا المعلومات، المرجع السابق.
195

المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
المجلس الأعلى للقضاء إلى موقع المحكمة الإلكتروني، والاطلاع على سير الجلسات، وضبطها، والمواعيد بينها69. ويمكن تلمس سياسة وزارة العدل السعودية في إدخال التقنية الحديثة إلى رحاب القضاء، وتبني نظام المحكمة الإلكترونية، من خلال ثلاث خطوات قامت بها هي:
أولا ً: هندسة الإجراءات: تقوم الوزارة بعملية الهندسة في المحاكم كافة بمختلف درجاتها، ودوائر كتاب العدل، إذ ْ ت ُست َبعد الإجراءات عديمة الفائدة، والتأكد من نظامية هذه الإجراءات عن طريق برامج إلكترونية لا يمكن اختراقها، وتحويل الصيغ والخطابات جميعها إلى صيغ إلكترونية لاستخدامها في المحاكم الإلكترونية.
ثانيا ً : التوجه للمركزية المعلوماتية: ذلك بإنشاء بنية تحتية متكاملة لمركز المعلومات، تتمثل في ربط جميع المحاكم ودوائر كتاب العدل بقاعدة بيانات واحدة لتسهيل تطويرها المستمر، والإشراف المباشر عليها، وتقديم الدعم الفني اللازم، وبهذا أمكن إقامة قنوات تفاعلية عدة بالاعتماد على شبكة )الإنترنت( مثل: البوابات الإلكترونية، والبريد الإلكتروني، وخدمة رسائل الجوال.
ثالثا ً- إنشاء البوابات القضائية الإلكترونية: جرى تدشين البوابة الإلكترونية لوزارة العدل التي توف ّر للمستفيدين من خدماتها، ولبعض القطاعات المتعاونة معها العديد من الخدمات والإجراءات عبر الشبكة العنكبوتية. وقد عملت الوزارة على توفير البريد الإلكتروني لجميع موظفيها، والاعتماد عليه في بعض المعاملات، مع إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية، تشمل بنك المعرفة والدراسات المتعلقة بالقضاء. ويجري العمل على إصدار الوكالات بشكل تقني لتصل إلى المستفيد - بعد اعتماد التوقيع الإلكتروني - عن طريق البريد، كما يمكن لطالب الوكالة الدخول إلى بوابة الوزارة، والاطلاع على كلّ ما اتخذ بشأن وكالته، وطلب إلغائها إلكترونيا ً70.
69 أوضحت المصادر أن المجلس سيبدأ بمحكمة جدة كنموذج لأن َّها شهدت أول تعامل بنظام التقاضي الإلكتروني في المملكة بدءا ً من استقبال الدعاوى مرورا ً بالجلسات وانتهاء بإصدار الحكم في آخر جلسة عبر الحاسوب. لمزيد من التفاصيل يمكن العودة إلى: عدنان الشبراوي، تفتيش إلكتروني على جلسات القضاة، مقالة موجودة على موقع مركز الدراسات القضائية التخصصي، يمكن
الوصول إليها من خلال الرابط الآتي: www.cojess.com 70 التقنية العدلية خيارنا الأوحد، المحكمة الإلكترونية ستختزل التكاليف المادية والوظيفية، مقال على موقع صحيفة الندوة السعودية 2010/10/7، يمكن الوصول إليه من خلال هذا الرابط: www.alnadwah.com.sa/index.cfm
196

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني
كما أطلقت موقع المجلس الأعلى للقضاء الذي يقدم العديد من المعلومات المهمة عن درجات المحاكم، واللوائح والأنظمة، فضلا ً عن مدونة الأحكام المتوافرة في موقع وزارة العدل؛ مما يسهل الوصول إلى المعلومة القضائية من جهة، ويساعد على التطوير والتواصل مع المعنيين كافة في
مجالات القضاء والمحاماة من جهة أخرى71.
وفي مجال القضاء الإداري، فقد جرى تدشين البوابة الإلكترونية لديوان المظالم التي تقدم مجموعة من الخدمات الإلكترونية منها "نافذة المعرفة". وهي عبارة عن قاعدة بيانات تحتوي على الأنظمة واللوائح والقرارات والتعميمات وغيرها مما يحتاج إليه القاضي، المحامي، وأطراف الدعوى، للاستناد إليها في الدعاوى المنظورة، أو الاستفادة منها في أثناء الترافع الإلكتروني، وربطها بالسوابق القضائية والمبادئ التي استقر عليها قضاء الديوان، ويقترح النظام على القاضي خيارات
متعددة من الوثائق المرتبطة بالدعوى المنظورة. كما تهيئ البوابة الإلكترونية التواصل بين العاملين في الديوان كافة )من قضاة وموظفين( عبر البريد الإلكتروني، وتقدم البوابة خدمة مؤقتة تتمثل في نماذج الدعاوى والطلبات لدى الديوان على رابط المحكمة الإلكترونية، بما يمك ّن مراجعي الديوان من تدوين بيانات النماذج في مكان إقامتهم، كما تقدم البوابة خدمة نشر أحكام الديوان جميعها فور اكتسابها للقطعية من قبل دوائر الاستئناف72. من هذه الخطوات يمكن استقراء عزم وزارة العدل السعودية على الوصول إلى تطبيق المحكمة الإلكترونية ليشمل محاكم المملكة جميعها، الأمر الذي سيؤدي – كما يحدد وزير العدل السعودي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى73 - إلى اختزال العديد من التكاليف المادية والوظيفية على الدولة، وتوفر الجهد على القاضي، والمتقاضي، وموظفي المحكمة، وسينعكس إيجابا َ على الدعوى، من حيث سرعة إنجازها، والقضاء على الأخطاء المادية التي تقع في أثناء التعاملات التقليدية.
71 يحيى مفرح الزهراني، المحاكم الإلكترونية، المرجع السابق.
72 خبر ورد على موقع الرياض- الإعلام الإلكتروني، بتاريخ 2010/9/1 يمكن الوصول إليه من خلال هذا الرابط: www.saudi.gov.sa 73 جاء ذلك في ورقة العمل التي ألقاها في مؤتمر الحكومة الإلكتروني الثاني، ووصف فيها مشروع الملك عبد االله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء بالمشروع التاريخي، والرائد، وأنه سينقل القضاء السعودي إلى طموح العالمية، وسيجعلها ضمن دول قليلة جدا ً اعتمدت تقنية المحكمة الإلكترونية. وأضاف: "إن هذا المشروع الضخم سيصب في جملته على تسريع البت في القضايا، لضمان عدالة ناجزة"، ووصف التقنية العدلية بأنها: "خيار وحيد لا نناقش إلا خياراته التقنية المتاحة". وأردف: " إن الوزارة تعمل حاليا ً على استقطاب أحدث التقنيات العالمية التي ستسهم في تسريع آليات وإجراءات الخدمات العدلية". أشارت تفصيلا ً إلى ورقة العمل صحيفة الندوة السعودية في مقال بعنوان: التقنية العدلية خيارنا الأوحد، المحكمة الإلكترونية ستختزل التكاليف المادية والوظيفية، المرجع السابق.
197

من استعراض التجارب العربية نلاحظ أنها تبقى خجولة إذا ما قورنت بالتجارب الغربية. والدول العربية مدعوة للاستفادة من معطيات التقنية الحديثة في المجال القضائي، فمقومات المحكمة الإلكترونية متوافرة في البلدان العربية، ولكنها تحتاج إلى الإرادة القوية، والاهتمام من قبل الجهات
المعنية لإنشائها. المبحث الثالث
إمكانية تطبيق المحكمة الإلكترونية في سورية
لابد من التأكيد أنه عند تبني سورية لتقنية المحكمة الإلكترونية عليها أن تأخذ بالحسبان عددا ً من النقاط أهمها: عدد العاملين في الجهاز القضائي، وعدد أولئك الذين يعملون في هذا الجهاز من غير الحاصلين على مؤهلات علمية عليا، والكثافة الهاتفية، ووجود بنية تكنولوجية مناسبة، والاعتماد على نظم العمل الورقية، ومعدل امتلاك الأفراد لأجهزة الحاسوب، فللتحول إلى المحكمة الإلكترونية – كما في حال التحول إلى الحكومة الإلكترونية- ينبغي أن يسبقه انتشار واسع للإنترنت، وألا تقل نسبة
مستخدمي الإنترنت عن 30% من نسبة السكان في الدولة التي تتبنى هذا التحول74. في هذا المبحث سنعرض مشروع أتمتة عمل المحاكم الذي انطلقت نواته الأولى في عام 2008 )المطلب الأول(، ثم نعرض للخطوات التي يجب على سورية اتخاذها لتبني المحكمة الإلكترونية في
تنظيمها القضائي )المطلب الثاني(.
المطلب الأول: مشروع أتمتة عمل المحاكم
بغية العمل على تطوير إجراءات التقاضي في سورية، وضمن إطار التنسيق القائم بين وزارة العدل، وهيئة تخطيط الدولة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP في سورية، فقد أُطلِق َ مشروع التطوير والتحديث القضائي في سورية، وتمثل المحكمة النموذجية مرحلة مهمة من مراحل استكماله75.
74 نشير هنا إلى إحصائية استخدام الإنترنت عالميا ً لعام 2007 حسب آخر الإحصاءات الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات إذ ْ وصل تعداد مستخدمي الشبكة العنكبوتية حول العالم إلى ما يفوق 131987210 مليار شخص. وتبلغ نسبة عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في الشرق الأوسط إلى دول العالم /2.50%/ . وتبلغ نسبة عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في سورية إلى عدد
السكان /7.80%/. لمزيد من التفاصيل يمكن الدخول إلى موقع الاتحاد الدولي للاتصالات على العنوان الآتي: www.internetworldstats.com 75 ذلك حسب تصريح السيدة زينة علي أحمد نائب الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سورية، وذلك خلال الاحتفال في درعا بتدشين المحكمة النموذجية الأولى في 2008/7/5.
198
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني أولا ً- المحكمة النموذجية الأولى في درعا:
بهدف إدخال مفهوم الأتمتة إلى محاكم درعا بأقسامها المختلفة الجزائية والشرعية والجمركية، ط ُور نظام برمجة مع بنية تحتية من تجهيزات وخطوط اتصال تربط بين مدينة درعا والمحاكم في ازرع والصنمين ونوى وبصرى76، وانطلقت من محاكم درعا أول تجربة لمشروع أتمتة عمل المحاكم77. فقد احتفل بتاريخ 2008/7/5 بتدشين المحكمة النموذجية التي بدأت بإقامة مركز للمساعدة القانونية في محاكم درعا، وأتمتة عمل المحاكم المدنية كل ّها، إذ است ُخدِمت ْ تكنولوجيا المعلومات في إعادة هندسة إجراءات الأصول المدنية، ومراجعة أصول المحاكمات المدنية والجزائية بهدف أتمتتها
وبرمجتها، بغية تبسيط إجراءاتها للمواطنين.
لهذا المشروع جانب تدريبي يعتمد على التدريب القضائي المستمر للقضاة والمساعدين العدليين، في استخدام أجهزة الكمبيوتر والبرامج الخاصة بأتمتة محاكم درعا.
وقد بلغت تكلفة مشروع التطوير –الذي بدأ في محاكم درعا- بما فيها إنشاء المحكمة "815" ألف دولار، في حين بلغت مدة تنفيذ المشروع عاما ً ونصف العام، ومن المتوقع أن تبلغ تكاليفه في المراحل اللاحقة للإطلاق زهاء 300 ألف دولار أمريكي78.
ثانيا ً - النتائج العملية للمشروع:
تتعلق النتائج الإيجابية لهذا المشروع على العمل الوظيفي بشكل خاص بدقة العمل، والشفافية، والسرعة في الوصول إلى المعلومة، والترابط الوظيفي، وتيسير إجراءات التقاضي وتبسيطها.
تجدر الإشارة إلى شكوى بعض المتقاضين والمحامين المتعاملين مع المحكمة النموذجية في بدايتها الأولى من صعوبات التعامل مع النظام الجديد في العمل القضائي79، لكن من المتوقع مع نضوج التجربة، والبدء بجني ثمارها المتمثلة في اختصار الوقت والجهد أنهم سيثنون عليها.
76 موقع لأجل سورية، لقاء مع د. نجم الأحمد، أصول المحاكمات الجديد يصدر قريبا ً، يمكن الوصول إلى هذا اللقاء من خلال هذا الرابط: www. Syria-Aleppo. com 77 من المقرر أن يتم الانتقال إلى أتمتة العمل القضائي في محافظات أخرى ضمن الإمكانيات المتاحة، وذلك وفقا لتقارير رسمية. موقع سيريانيوز: www.syria-news.com
79 جريدة الثورة السورية /http://thawra.alwehda.gov.sy 199
78 ياسر أبو نقطة، تجربة المحاكم النموذجية تنطلق من درعا، مقالة موجودة على موقع جريدة بلدنا، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.baladnaonline.net

ونقترح هنا أنه في سبيل تخطي هذه الصعوبة يمكن للدوائر القضائية أن تعلن في هذه المرحلة أنها ستقدم الخدمات العادية إلى جانب المعاملات الإلكترونية.
مما لا شك فيه أن مشروع أتمتة عمل المحاكم -وأولى بواكيره "المحكمة النموذجية في درعا"- خطوة جيدة ولكنها غير كافية، فما الخطوات التي يجب على سورية القيام بها للوصول إلى المحكمة الإلكترونية؟ هذا ما سنبحثه في المطلب الآتي:
المطلب الثاني
المراحل الواجب اتباعها في إنشاء المحكمة:
المحكمة الإلكترونية حل إداري ومعلوماتي، يحتاج لتعميمه بالدرجة الأولى إلى تحديث في التشريعات والإجراءات القضائية، وبناء بنك للمعلومات القضائية، وبنية متطورة للشبكات، فضلا ً عن إعادة تأهيل العاملين في الجهاز القضائي والمحامين، وكل ذلك سيكون دون جدوى إذا لم يتحول المجتمع ذاته قبل هذا إلى مجتمع معلوماتي. لذلك من الأهمية بمكان التفكير بمقومات الانتقال إلى البيئة الإلكترونية بصورها كل ّها )الحكومة-المحكمة-التجارة(. وتتمثل تلك المقومات بالتوقيع الإلكتروني80،
80 عرفت لجنة الأمم المتحدة للتجارة الدولية )الأونسيترال( التوقيع الإلكتروني بأنه: "بيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة بيانات أو مضافة إليها أو مرتبطة بها منطقيا ً، ويجوز أن تستخدم بتعيين هوية الموقع بالنسبة إلى رسالة البيانات وبيان موافقة الموقع على المعلومات الواردة في رسالة البيانات". راجع وثائق الأونسيترال )UNCITRAL( الدورة السابعة في فيينا 18-29 أيلول 2000، الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم A/CN.G/WG.IV/WP.86 ADDI، ص 10. وقد عرفته المادة الأولى من قانون التوقيع الإلكتروني وخدمات الشبكة رقم /4/ تاريخ 2009/2/19 بأنه: "جملة بيانات تندرج بوثيقة إلكترونية وترتبط بها وتتخذ صفة حروف أو أرقام أو إشارات أو أي صفة أخرى مشابهة، ويكون لها طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره وينسب إليه وثيقة إلكترونية بعينها". تجدر الإشارة إلى أن القانون رقم /4/ لعام 2009 )الذي يعد القانون الثاني على مستوى الدول العربية بعد قانون التوقيع الإلكتروني المصري رقم /15/ تاريخ 2004/4/21( قد أعطى في المادة الثانية منه للتوقيع الإلكتروني في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية الحجية ذاتها المقررة للتوقيعات في أحكام قانون البينات إذا روعي في إنشائه وإتمامه أحكام القانون، ومن ثم فقد ساوى القانون السوري في حجية الوثيقة المحددة إلكترونيا ً والموقعة إلكترونيا ً والوثيقة الخطية والممضاة وأخضعها في إثباتها للإجراءات ذاتها المتبعة في الوثائق المحررة خطيا ً والموقعة يدويا ً. د. موسى خليل متري، التوقيع الإلكتروني، الموسوعة القانونية المتخصصة، هيئة الموسوعة العربية، المجلد الثاني، الطبعة الأولى، 2010، ص 300. للتوسع في التوقيع الإلكتروني وحجيته يمكن العودة بشكل خاص إلى: د. عبد الفتاح بيومي حجازي، إثبات
المعاملات الإلكترونية عبر الإنترنت، حقوق الطبع للمؤلف، القاهرة، 2009، ص11-35. 200
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني والبطاقة الذكية، وبوابة الدفع الإلكتروني لاستيفاء الرسوم القضائية، وعند ضمان البيئة الملائمة
يمكن إنشاء المحكمة الإلكترونية عبر المرور بثلاث خطوات81:
أولا ً- مرحلة نشر المعلومات القضائية لأكبر عدد من المستفيدين منها:
يجري هذا النشر عبر الإنترنت الذي يعد إحدى أهم وأرخص وسائط النشر المتاحة وأكثرها انتشارا ً، حيث ت ُنش َأُ مواقع ذات واجهات بسيطة في الدوائر القضائية المختلفة في كل محافظة. ويتم من خلال تلك المواقع الولوج السريع إلى المعلومات المفيدة للمتقاضين، ووكلائهم، والمستفيدين من الأعمال القضائية المختلفة )كالتسجيل العقاري(، دون الحاجة إلى التنقل، أو السفر للوصول إليها، والانتظار
فيها.
ثانيا ً- مرحلة التفاعل مع المتقاضين ووكلائهم:
الغاية الأهم في هذه المرحلة توسيع نطاق المشاركة من المتقاضين ووكلائهم، وضمان تفاعلهم مع الخدمات التي تقدمها الإدارات القضائية والمحاكم عبر الإنترنت. ولابد في هذه المرحلة من السعي لتبسيط إجراءات العمل، وتقليل النماذج، والاقتصار على طلب المعلومات الضرورية للعمل القضائي، والاهتمام برأي زوار المواقع من الأشخاص العاديين، والمحامين، للتحقق من أن تلك المعلومات، والنماذج القضائية المنشورة في المواقع القضائية هي قيد الاستخدام، وتلقى قبولا ً لدى العاملين في
الحقل القضائي والمتقاضين والمحامين.
ثالثا ً- مرحلة التطبيق الكامل للمحكمة الإلكترونية:
في هذه المرحلة ت ُجرى المعاملات القضائية مباشرة على الشبكة العنكبوتية، وكتطبيق لهذه المراحل يمكن إنشاء موقع إنترنت خاص بمحاكم مدينة دمشق، حيث تتم أتمتة المعلومات في هذه المحاكم، ودواوينها، وأرشيفها، ومستودعاتها، وتحميلها على شبكة الإنترنت بواسطة برامج إلكترونية خاصة. ويمكن إنشاء نوافذ في هذا الموقع تضم معلومات عن درجات التقاضي، وخدمات المحامين، ومواعيد الجلسات مفهرسة حسب المحاكم المختلفة، والدعاوى المستعجلة، وملفات التنفيذ، وتسجيل الدعاوى، وخدمات الخبراء، ومن خلال الاتصال بهذا الموقع وزيارته يمكن تصفح المعلومات التي تهم
81 تجدر الإشارة إلى التشابه الكبير بين خطوات إنشاء المحكمة الإلكترونية وخطوات إنشاء الحكومة الإلكترونية، ولاسيما إذا سلمنا أن المحكمة هي أحد تطبيقات الحكومة، للتوسع في مراحل إنشاء الحكومة الإلكترونية انظر: م. نهى الجلا، الحكومة الإلكترونية/2، مجلة المعلوماتية )سورية(، السنة الرابعة، العدد 45، تشرين الثاني 2009، ص 14-16.
201

المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
المتقاضين ومحاميهم، ويمكن بالبريد الإلكتروني تلقي المعلومات والوثائق المسموح بانتقالها إلكترونيا ً وإرسالها.
الخاتمة
تناولنا في هذه الدراسة مفهوم المحكمة الإلكترونية وتطبيقها، ورأينا أنها ليست خيالا ً علميا ً، وإنما هي حل معلوماتي وإداري، يهدف إلى إنجاز المعاملات القضائية إلكترونيا ً، وذلك بالاستخدام الأمثل لعناصر التكنولوجيا، ونظم شبكات الاتصال، والربط الإلكتروني بالإنترنت، بغية الارتقاء بكفاءة العمل
في مرفق العدالة، ورفع مستوى جودة الأداء، واختصار الوقت والجهد والمال. أولا ً- نتائج الدراسة من خلال دراستنا هذه توصلنا إلى مجموعة من النتائج من أهمها:
• أحدثت ثورة الاتصالات والمعلومات في العالم أجمع ولادة عصر جديد هو "عصر تكنولوجيا المعلومات"، في ظل هذه المعطيات يبدو من غير المنطقي استفادة المجرمين من مخرجات التكنولوجيا الحديثة في ارتكاب الجرائم )كالتزوير والاحتيال(، في الوقت الذي تتكاسل فيه الدول عن توظيف قدراتها العلمية والمادية في تنظيم مرفق العدالة بالاستفادة من هذا التقدم العلمي، انطلاقا ً من ذلك أسهمت الأفكار والتقنيات الحديثة عبر شبكات المعلومات في تغيير نشاطات المحاكم القضائية المختلفة في الدول، وفي إحداث تغيير جذري لإجراءات المحاكم بشكل عام، وتحويل المحاكم التقليدية إلى محاكم إلكترونية، وذلك بإدخال وسائل رقمية متقدمة كنشر المعلومات، والقرارات القضائية، والاطلاع على الوثائق والمستندات عبر شبكة الإنترنت، من خلال بوابات
إلكترونية تفاعلية.
• أصبحت المحكمة الإلكترونية –بصورها المختلفة- حقيقة ً واقعة في عالم يرغب في العمل الجاد والتطوير المستمر، فمراكز التحكيم الإلكتروني، والمحاكم بوسائل إلكترونية نشأت بفضل جهود أكاديمية، ومن مشارب قانونية وتقنية مختلطة، اهتمت جميعها بتطويع التكنولوجيا وإخضاعها
للاستخدام العملي بما يتوافق والمستجدات المتواصلة.
• إن الابتكار الذي يسجل للمحكمة الإلكترونية يكمن في إدخال الوسائل الإلكترونية إلى الحرم القضائي، وفي مباشرة إجراءات التقاضي، بهدف إجراء التطوير في العمل القضائي، وتبسيطه، ونقله نوعيا ً من الأطر اليدوية الورقية إلى الأطر التقنية الإلكترونية المتقدمة.
202
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني
• إن ادعاء الحفاظ على مرفق العدالة وحماية قدسيته - بترك الحوسبة والاعتماد على الطريقة التقليدية –، والتمسك باختلاف الظروف الاجتماعية والإمكانيات التكنولوجية والمادية بين الدول، هي حيلة العاجز عن مجاراة العالم في تطوره وتسارعه نحو المفيد والأفضل. وسيبقى مرفق العدالة متباطئا ً بسبب آلية التقاضي، وأمية المحاكم )الأمية المعاصرة(، وقلة القضاة، وضعف تجهيز المحاكم، وإن لم نقم بمواكبة الركب الحضاري العالمي، بالاستفادة من وسائل التقنية الحديثة
جميعها في المجال القضائي، فلابد أن نسجل تأخيرا ً في مواكبة التطور والتحديث. ثانيا ً- مقترحات الدراسة لذلك وفي ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة، من الضروري اقتراح ما يأتي:
• بذل الجهود لإدخال تطبيقات المحكمة الإلكترونية إلى المشهد القضائي العربي والسوري، ونرى أن أول مظاهر المحكمة في سورية تتمثل بإصلاح تشريعي، وذلك بتوحيد التشريعات التي تحكم الموضوع الواحد، وفي هذا الإطار نأمل أن تقوم وزارة العدل ببناء قاعدة معلومات قضائية، من خلال حصر التشريعات السورية الصادرة منذ عام 1947 وحتى الآن، وتحديثها بما صدر من
تشريعات لاحقة جديدة أو التعديلات التي شملتها.
• إن تطبيق المحكمة الإلكترونية يتطلب التخطيط الاستراتيجي، وتوافر الإمكانات، والدعم المطلوب من الجهات المختلفة، والتنسيق بين الجهات القضائية المختلفة، وبينها وبين الجهات الحكومية المختلفة، و مع العاملين في الحقل القضائي )القضاة والكتاب العدليون والمحامون(، ووضع الجهود المتفرقة ضمن إطار عمل واحد، للوصول إلى المحاكم الإلكترونية المترابطة، وتحقيق التكامل
المعلوماتي.
• إن من أهم استراتيجيات نجاح المحكمة الإلكترونية تغيير نمط التفكير الإداري في مجال العمل القضائي، بحيث ننتقل من الشكليات والبيروقراطية، إلى الشفافية والإبداع.
203
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
المراجع
أولا ً- المراجع باللغة العربية:
الكتب القانونية والعلمية: • د. أحمد حسام طه تمام، الجرائم الناشئة عن استخدام الحاسب الآلي – الحماية الجنائية للحاسب
الآلي. دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.
• د. حسن جوخدار، أصول المحاكمات الجزائية- الجزء الثاني )المراحل الإجرائية التي تمر بها
التهمة(، مطبعة الداودي، دمشق، 1998. • د. عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني للحكومة الإلكترونية _الكتاب الثاني " الحماية
المعلوماتية والجنائية للحكومة الإلكترونية"، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2007. • د. عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني للحكومة الإلكترونية- الكتاب الأول "الحكومة
الإلكترونية"، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2007. • د. عبد الفتاح بيومي حجازي، إثبات المعاملات الإلكترونية عبر الإنترنت، حقوق الطبع للمؤلف،
القاهرة، 2009 • القاضي عبد الوهاب بدرة، دعوى الحق العام - المحاكمة )الجزء الثالث(، الطبعة الأولى، حلب،
01988
• د. عبد الوهاب حومد، أصول المحاكمات الجزائية، الطبعة الرابعة، المكتبة الجديدة، دمشق، 1987.
• د. فتوح الشاذلي ود. عفيفي كامل عفيفي، جرائم الكمبيوتر وحقوق المؤلف والمصنفات الفنية ودور الشرطة والقانون – دراسة مقارنة-، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003
• د. محمد سامي الشوا، ثورة المعلومات وانعكاساتها على قانون العقوبات، الطبــعة الثانية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001.
• د. مصطفى محمد موسى، التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية، الطبعة الأولى، مطابع الشرطة، القاهرة، 2009.
204
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني الأبحاث القانونية والعلمية:
http://www.damascusbar.org/AlMuntada/showthread.php?p=23943
بحوث منشورة على الإنترنت • د. حسن علي عثمان، هنا...المحكمة الإلكترونية، مقالة موجودة على موقع جريدة الأهرام، يمكن
الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.ahram.org.eg
• د. خالد محمود إبراهيم، التقاضي الإلكتروني، مقالة ن ُشرت عبر شبكة الإنترنت، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.kenanaonline.com
• رامي نعمان الجاغوب، أمن وسرية المعلومات في الحكومة الإلكترونية، ندوة متطلبات الحكومة الإلكترونية، الإمارات، وزارة الداخلية من 4-5 شباط 2002.
• المحامي عبد الحميد الحميداني، الحكومة الإلكترونية- مفهومها ونطاقها وعناصرها، مقالة موجودة على موقع منتديات نقابة المحامين في سورية، فرع حلب، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.aleppobar.org
• م. عبد االله عيسى، المؤتمر الوطني الثالث للحكومة الإلكترونية، مجلة المعلوماتية )سورية(، السنة الرابعة، العدد 45، تشرين الثاني 2009، ص 40-43.
• د. عبد الوهاب حومد، نظرات معاصرة على قاعدة قانونية الجرائم والعقوبات في التشريع، مقالة موجودة على موقع الدليل الإلكتروني للقانون العربي، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط:www.arablawinfo.com
• المحامية علياء النجار، التقاضي الإلكتروني، مقالة موجودة على موقع منتديات نقابة المحامين في سورية، فرع حلب، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط:
www.aleppobar.orgwww.aleppobar.org
• المستشار محمد الألفي، الجريمة الإلكترونية خطر يتزايد، مقالة موجودة على موقع صحيفة سوق العصر الإلكترونية يمكن الوصول إليها من خلال الرابط الآتي: www.sokelasrmagazine.com
• د. محمد سعيد إسماعيل، الإثبات بالوسائل الإلكترونية، الموسوعة القانونية المتخصصة، هيئة الموسوعة العربية، المجلد الأول، الطبعة الأولى، 2010، ص 17-21.
205
• د. موسى خليل متري، التوقيع الإلكتروني، الموسوعة القانونية المتخصصة، هيئة الموسوعة العربية، المجلد الثاني، الطبعة الأولى، 2010، ص 297-300.

• د. ناصر بن زيد بن ناصر بن داوود، حوسبة التقاضي "المحكمة الإلكترونية"، مقالة موجودة على
موقع مركز الدراسات القضائية التخصصي، يمكن الوصول إليها من خلال الرابط الآتي:
www.cojess.com
المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق(
• م. نهى الجلا، الحكومة الإلكترونية/1، مجلة المعلوماتية )سورية(، السنة الرابعة، العدد 44، تشرين الأول 2009، ص 34-37.
• م. نهى الجلا، الحكومة الإلكترونية/2، مجلة المعلوماتية )سورية(، السنة الرابعة، العدد 45، تشرين الثاني 2009، ص 14-16.
• م. نهى الجلا، المحكمة الإلكترونية/1، مجلة المعلوماتية )سورية(، السنة الرابعة، العدد 46، كانون الأول 2009، ص 52-54.
• م. نهى الجلا، المحكمة الإلكترونية/2، مجلة المعلوماتية )سورية(، السنة الخامسة، العدد 47، كانون الثاني 2010، ص 50-53.
• نواف صالح الزهراني، المحكمة الإلكترونية في عصر تكنولوجيا المعلومات، مقالة موجودة على موقع جريدة الرياض، يمكن الوصول إليها على الرابط: www.alriyadh.com
• د. هدى حامد قشقوش، الإتلاف العمدي لبرامج وبيانات الحاسب الإلكتروني، مؤتمر القانون والكمبيوتر والإنترنت، جامعة الإمارات، 2000، ص 13-33.
• د. هشام البخفاوي، تسوية المنازعات الإلكترونية، مقالة موجودة على موقع وزارة العدل المغربية، يمكن الوصول إليها من خلال الرابط الآتي: http://adala.justice.gov.ma/AR/home.asp
• هند عبد القادر سليمان، دور التحكيم الإلكتروني في حل منازعات التجارة الإلكترونية، ورقة عمل
مقدمة إلى المؤتمر المغاربي الأول: المعلوماتية والقانون، يمكن الوصول إلى هذه الورقة بالدخول
إلى موقع موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي على العنوان الآتي:
http://iefpedia.com/arab/?p=17802
• هيثم عبد الرحمن البقلي، التحكيم الإلكتروني كأحد وسائل تسوية المنازعات، ورقة مقدمة للجمعية المصرية لمكافحه جرائم المعلوماتية والإنترنت، نقلا ً عن موقع www.kenanaonline.com.
• ياسر أبو نقطة، تجربة المحاكم النموذجية تنطلق من درعا، مقالة موجودة على موقع جريدة بلدنا، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.baladnaonline.net
206
• يحيى مفرح الزهراني، المحاكم الإلكترونية، مقالة موجودة على موقع صحيفة الاقتصادية الإلكترونية يمكن الوصول إليها من خلال الرابط التالي: www.aleqt.com

مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 28- العدد الأول-2012 صفاء أوتاني • المحامي يونس عرب، العالم الإلكتروني- والمحتوى الوسائل والميزات والسلبيات، مقالة موجودة
على موقع اليسر، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.alyaseer.net
مقالات منشورة على الإنترنت:
• الأمن على شبكة الإنترنت- دراسة منشورة في مجلة أمن المعلومات، الرياض، يمكن الوصول إليها من خلال الرابط الآتي:www.safola.com/security.ch.tmi
• البريد الإلكتروني يدخل إلى محكمة الكاظمية من أوسع أبوابها، جريدة الشرق )العراق(، العدد رقم 374 تاريخ الأربعاء 16 / 4 / 2008 ، ويمكن الوصول إليه بالدخول إلى موقع الجريدة على العنوان: www.alsharqpaper.net
• التقنية العدلية خيارنا الأوحد، المحكمة الإلكترونية ستختزل التكاليف المادية والوظيفية، مقال على موقع صحيفة الندوة السعودية 2010/10/7، يمكن الوصول إليه من خلال هذا الرابط:
www.alnadwah.com.sa/index.cfm
• المحكمة الإلكترونية، مقالة ن ُشرت عبر موقع منتديات تونسيات، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.tunisia-sat.com
• المحاكم المعلوماتية، مقالة ن ُشرت على موقع منتديات نقاوس، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.forum.ngaous.net
مواقع إنترنت: • موقع الاتحاد الدولي للاتصالات: www.internetworldstats.com • موقع وزارة العدل المغربية: www.justice.gov.ma • موقع محكمة الاستئناف التجارية بمدينة فاس المغربية: http://www.cacfes.ma/index.htm • موقع البوابة القانونية والقضائية في وزارة العدل المغربية: http://adala.justice.gov.ma • موقع مركز تتبع وتحليل الشكايات في وزارة العدل المغربية: http://www.justice.gov.ma/plainte
207
• التقاضي الإلكتروني أو نحو إرسال المحامي بالفاكس، مقالة موجودة على موقع منتدى المحامي الكويتي، يمكن الوصول إليها من خلال هذا الرابط: www.lawyerkuwait.com

المحكمة الإلكترونية )المفهوم والتطبيق( • موقع وكالة الأنباء براثا: www.burathanews.net.
• موقع الإتحاد الأوروبي: http://www.europa.eu.int/comm/inter-market/en/finances/consumer/adr.htm
• موقع مركز تحكيم المنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية WIP" )الويبو(: . http://www.arbiter.wipo.int
ثانيا ً- باللغة الفرنسية
• Ph. Conte et P. Maistre du Chambon, Procédure pénale, Coll. U, Armand Colin, 4ème éd. 2002.
• S. Guinchard et J. Buisson, Procédure pénale, Coll. Juris Classeur-Manuels, Litec, 2ème éd. 2002.
• J. Pradel, Procédure pénale, Cujas, 12ème éd. 2002.
• G. Stéfani, G. Levasseur et B. Bouloc, Procédure pénale, Précis Dalloz-Droit privé, 18ème éd. .2001
تاريخ ورود البحث إلى مجلة جامعة دمشق 2011/3/30 208

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نطاق العقد

الهيئات الاداريه المكلفه بجمايه البيئة