حقوق المريض على الطبيب

حقوق المريض على الطبيب
  
المهنة الطبیة مهنة انسانیة تستلزم من الطبیب احت ارم ك ارمة المریض والسهر على ارحته بتقدیم
افضل العنایة له،ولهذا قیل بحق ان الطبابة مهنة من نوع خاص لا شبیهة لها بین المهن الاخرى فهي ممارسة فنیة اخلاقیة،وبهذا المفهوم فأن لمهنة الطب جانبین اساسیین احدهما الجانب الفني الذي یقتضي من الطبیب المعرفة التامة بفن الطب وعلومه وبذل الجهد في تقدیم خدماته ومسایرة التقدم العلمي وركب التطور،اما الجانب الاخر فهو الجانب الاخلاقي بالت ازم الطبیب بتقالید المهنة وادابها فهي تفرض علیه ان
یكون رحوما ومتواضعا وواعیا في تصرفاته لا یتوانى في مد ید المساعدة لمن یطلبها
ان حقوق المریض على الطبیب من الشمول والاتساع فهي تشتمل على مجموعة الحقوق والواجبات
المتبادلة بین المریض والطبیب.فكل حق لاحدهما یقابله بالضرورة واجب على الطرف الاخر وكل واجب على احد الطرفین یقابله حق للطرف الاخر،وهذا یعني بان حقوق المریض على الطبیب ما هي الا واجبات تقع على عاتق الطبیب نحو مریضه والحق والواجب المتقابلان شي واحد،وهو علاقة قانونیة اذا نظر الیها من ناحیه احد طرفیها فهي حق،واذا نظر الیها من ناحیة الطرف الثاني فهي واجب ولا یمكن الفصل بین الوجهین أوان مضمونهما واحد،وعلى ذلك فتعبیر حقوق المریض على الطبیب یساوى في دلالته تعبیر واجبات الطبیب نحو المریض١.فحق المریض في ان یلقى العنایة والرعایة مثلا یقابله واجب الطبیب ببذل العنایة في سبیل شفاء المریض تلك العنایة التي وصفت بالعنایة الوجدانیة الیقظة الموافقة للحقائق العلمیة المكتسبة٢.وحق المریض في عدم افشاء اس ارره التي اطلع علیها الطبیب بحكم مهنته والتي وصلت الى عمله بمناسبه العلاج
یقابله واجب الطبیب بالمحافظة على تلك الاس ارر والامتناع عن افشائها.
وبالنظر لتعدد حقوق المریض على الطبیب فقد وجدنا بحثها وفقا لاسبقیتها الزمنیة المعتمدة على
تسلسل الاحداث فهناك حقوقا للمریض على الطبیب تسبق المباشرة بالعمل الطبي أو اعطاء الموافقة،في حین
١منصور مصطفى منصور،حقوق المریض على الطبیب،بحث منشور في مجلة الحقوق والشریعة/جامعة الكویت/العدد الثاني/السنة الخامسة/١٩٨١/ص١١
٢ نقض فرنسي ١٩٣٦/٥/٢٠ مشار الیه في حسن زكي الاب ارشي|مسؤولیة الاطباء والج ارحین المدنیة في التشریع المصري والقانون المقارن رسالة دكتو اره ،القاهرة ،دار النشر للجامعات المصریة ،ص١١٢ وانظر بنفس المعنى حسین عامر ،المسؤولیة المدنیة التقصیریة والعقدیة ، طبعة اولى ،مطبعة مصر ١٩٥٦فقرة ١٨٨،ص١٦٩
المقدمة
- ١٠٩ -
ان هناك حقوقا تتوجب على الطبیب بعد قیامه بالعمل الطبي،ولما تقدم فسنحاول بحث تلك الحقوق بتخصیص مبحث لكل منها وسیكون المبحث الاول مخصصا لمعالجة حقوق المریض على الطبیب قیل مباشرة العمل الطبي والمبحث الثاني لتبیان الحقوق التي تتوجب على الطبیب بعد مباشرة العمل الطبي.
- ١١٠ -
المبحث الاول
حقوق المریض قبل مباشرة العمل الطبي
قد تكون العلاقة بین المریض والطبیب على اساس الموافقة التي یعطیها المریض للمباشرة بالعمل
الطبي في الفحص والعلاج،والتي تقترن بموافقة الطبیب وینشأ عن ذلك العقد الطبي الذي یتضمن الالت ازمات المتقابلة بین الطرفین،وقد تكون العلاقة غیر تعاقدیة مبنیة نتیجة لحالات معینه كحالة الضرورة لعلاج مریض فاقد الوعي،او معالجة للاصابة بمرض انتقالي أو معٍد من قبل المؤسسات الصحیة التابعة للدولة او ما یسمى بالعلاج الاجباري،او قد تكون العلاقة تعاقدیة ولكنها نشأت عن عقد باطل،ومع هذا یمكن القول بأن العلاقة ولو انها غیر تعاقدیة فیما ذكرنا من حالات الا انها تخضع في اكثر المسائل التي تثیرها،لنفس الاحكام التي تخضع لها العلاقة التعاقدیة وبوجه خاص تبقى حقوق المریض على الطبیب،وما یقابلها من واجبات على الطبیب هي نفسها التي تترتب في حالة وجود عقد بأستثناء ما قد یكون محلا للاتفاق في العقد ولایوجد نظیره
في العلاقة غیر التعاقدیة ومثال ذلك الاتفاق على اجر الطبیب او على وقت العلاج او مكانه١. وعلى هذا الاساس فأن للمریض حقوقا ثابته تجاه طبیبه وأن اول حق له حقه في العلاج ،ذلك الحق
المستمد من حق الانسان في الحیاة وفي سلامة بدنه ،ویترتب على هذا الحق حقا اخر في اختیار المریض لطبیبه الذي یثق به في اج ارء مداواته ومعالجته وبعد ان یتم الاختیار فلیس للطبیب القیام بعمله الطبي دون استحصال موافقة المریض على العلاج الا في حالات اسسثنائیة لایستطیع فیها المریض اعطاء موافقته واذا كان الواجب یتطلب من الطبیب استحصال موافقة المریض فأن على الطبیب اطلاع المریض على حقیقة مرضه وتبصیره وخاصة في الحالات التي تتضمن درجة معینة من الخطورة على حیاة المریض وسلامته وتبصیره بالمخاطر الناجمه عن عمله الطبي وخاصة في المداخلات الج ارحیة .ونرى من المناسب ان نتناول
تلك الحقوق في مطالب اربع نخصص مطلبا لكل حق مطلبا منها.
المطلب الاول حق المریض في العلاج
ان رضا الانسان بالمساس بحقه في الحیاة وفي سلامة جسمه باطل وغیر مشروع الا انه اذا كان
المساس بسلامة جسم الانسان ضروریا لحفظ حیاته او لصیانه صحته،فلا بد من اعتبار الرضا مشروعا وفي الفقه الاسلامي،ان الحق في الحیاه والحق في السلامة الجسدیة یدخلان في طائفة الحقوق التي یجتمع فیها حق االله وحق العبد،ومؤدى ذلك انه اذا جاز للعبد ان یسقط جزئیات الحق الذي ینسب الیه،فأنه لا یجوز له اسقاط الحق بمجموعه٢.ویعد الحق في سلامة الجسم من الحقوق اللصیقة بالشخصیة،او ما تسمى بالحقوق الشخصیة ویستمد اصله من الشخصیة،فهذا الحق یكفل للشخص الانتفاع بجسمه والمحافظة علیه.اي یكفل حمایة الكیان المادي لجسم الانسان واعضائه،فالحق في سلامة الجسم اهم حق یتمتع به الانسان بعد حقه في
١ منصور مصطفى منصور،المرجع السابق/ص١٣ ٢الشاطبي ،الموافقات،ج١٩٧٥,٢،ص٣٧٦،المطبعة التجاریة الكبرى،القاهرة
احمد شرف الدین،الاحكام الشرعیة للاعمال الطبیة،١٩٨٣،ص٣٥
- ١١١ -
الحیاة١.فالمساس بالجسم للاغارض الطبیة تقتضیه ضرورة العلاج،یقول المعز بن عبد السلام "الطب كالشرع وضع لجلب مصالح السلامة والعافیة ولدرء مفاسد المعاطب والاسقام٢.فالشریعة الاسلامیة تحث على التداوي،فالتداوي من الامور المطلوبة شرعا،وقد سعى الفقهاء المسلمون الى استنباط الاحكام الشرعیة للتداوي من اصولها في الق أرن الكریم والسنة النبویة الشریفة،ففي قصة نبي االله ایوب )علیه السلام( لما اصابه السقم واعیاه المرض فنادى ربه "اني مسني الشیطان بنصب وعذاب"فأمره االله تعالى بما كان سببا لشفائه وهو القادر على ان یشفیه دون سبب،قال تعالى"واذكر عبدنا ایوب اذ نادى ربه اني مسني الشیطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وش ارب٣،كما روي عن رسول االله )ص( احادیث كثیرة توجب التداوي
من الام ارض فقال )ص(:"تداووا فان االله )عز وجل(لم یضع داء الا وضع له دواء غیر داء واحد الهرم"٤ واذن الشارع للطبیب بممارسة عمله الطبي على جسم المریض یرجع في اساسه الى المنفعة التي
یجنیها الفرد والمجتمع من قیام الطبیب بمداواة ومعالجة المریض من مرضه،وقد أرى الشارع ان العمل الطبي وان كان یمس مادة الجسم فانه لن یؤذیه ولا یهدر مصلحته،بل یودي الى حفظ النفس وحمایة الجسم،وبذلك تتحقق المصلحتان،مصلحة المریض ومصلحة الشارع في صون النفس والجسم.ولا شك بان الانسان حینما یمرض یثبت له الحق في العلاج في مواجهة الطبیب ویختلف الامر بشأن هذا الحق في حالة الضرورة العاجلة عنها في الظروف الاعتیادیة كما یختلف بشأنه في حالة ما اذا كان الطبیب یعمل في مؤسسات الدولة العلاجیة عنها في حالة الطبیب الحر الذي یعمل في عیادته الخاصة،ولتوضیح هذا الحق سنعرض بالشرح الموجز لحالة الضرورة،وحالة الطبیب الذي یعمل في المؤسسة الصحیة الحكومیة،واخرى للطبیب الذي
یعمل في عیادته الخاصة. ١-حالة الضرورة
كثی ار ما یتعرض الانسان الى خطٍر قد یودي بحیاته مما یتطلب استدعاء الطبیب او تدخله من تلقاء
نفسه لاسعاف المصاب واتخاذ الوسائل المتاحة لمعالجته او نقله الى موسسة صحیة اخرى لاكمال علاجه،ویثبت حق المریض في العلاج في مثل هذه الحالات لكون حالة الضرورة لاتتیح المجال للطبیب للتردد في قبول علاج المریض واسعافه من عدمه،فالمریض هنا یكون في امس الحاجة الى التدخل الطبي السریع والذي لا یحتمل التأخیر ولیس للطبیب أي خیار اخر بل العكس یعد الطبیب الممتنع مخلا بواجبه في
العنایة بالمریض ورعایته
١ جابر مهنا شبل،مدى مشروعیة عملیات نقل وزرع الاعضاء البشریة،رسالة دكتواره مقدمة الى كلیه القانون/جامعة بغداد ١٩٩١،ص١٧
٢ ابن عبد السلام،قواعد الاحكام في مصالح الانام،الجزء الاول الطبعة الاولى،المكتبة الحسینیة المصریة بجوار الازهر ١٣٥٣ه-١٩٣٤م،ص٤
٣ سورة )ص(،الآیتان ٤١ و٤٢ ٤ سنن ابي داوود،المجلد الثاني،الجزء ال اربع،كتاب الطب،دار الفكر،تحقیق الشیخ محمد محي الدین عبد الحمید،ص٣
وذكرة ابن ماجة في سنته "تداوو عباد االله فأن االله سبحانه لم یضع داء الا وضع معه شفاء الا الهرم"سنن ابن ماجة،كتاب الطب،الجزء الثاني،ص١١٣٧
- ١١٢ -
والمقصود بالضرورة هي الضرورة الطبیعیة لا الضرورة الادبیة،وتفترض حالة الضرورة اولا ان یكون
العمل الطبي ضروریا بمعنى ان یكون هو الوسیلة الوحیدة المتاحة لانقاذ حیاة المریض او سلامة بدنه في مقابل تضحیة او خطر محتمل اقل مما یتعرض له المریض لو لم یتخذ هذا العمل.وتفترض ثانیا ان یكون العمل عاجلا لا یحتمل التأخیر لحین الحصول على الموافقة،وهو ما یتحقق اذا كان المریض في ظروف تجعله لا یستطیع التعبیر عن ا اردته وكان من المتعذر الحصول فو ار على رضاء ذویه.ففي حالة الضرورة هذه یكون من حق الطبیب ان یقوم بالعمل الطبي او الج ارحي،مع ما فیه من قدر من الخطورة،دون رضاء المریض او ذویه،بل ان قیامه بهذا العمل یعتبر واجبا علیه١،فیجب ان یكون لكل عمل طبي ضرورة
تبرره٢. ٢-الطبیب الذي یعمل في مؤسسات الدولة
لكل دولة نظامها الصحي الذي یختلف باختلاف النظام الاقتصادي والسیاسي والاجتماعي،فهناك انظمة
لاتجیز للمریض حق اختیار الطبیب الذي یعالجه في الموسسة الصحیة بل ان النظام الصحي یفرض على الطبیب معالجة المریض الذي یتقدم لطلب العلاج ولیس للطبیب الامتناع او رفض المعالجة طالما ان النظام المتبع یوجب تعیین طبیب معین لفحص المرضى ومعالجتهم،وبهذا یتعلق حق المریض في العلاج بذلك الطبیب،واذا امتنع الطبیب تتحقق عندئذ مسؤولیته في مواجهة المؤسسة التي یعمل فیها بأعتباره تابع لها ویخضع لاش ارفها وتوجیهها اضافة الى مسؤلیته قبل المریض نفسه،فعندما ی ارجع المریض الى المستشفیات والم اركز الصحیة التابعة للدوله فأنه یكون مختا ار لقبول النظام المتبع في تلك المؤسسات،وما ت اره المؤسسة الصحیة ضروریا لعلاج حالته في اطار التنظیم الداخلي للعمل،وغالبا ما یستلزم هذا التنظیم تقسیم الاطباء الى فئات بمستویات وظیفیة تتدرج حسب الخبرة والكفاءة والممارسة،كما یتم تقسیم المرضى الى فئات تتدرج حسب سهولة الحالة او صعوبة الاج ارء الج ارحي،ثم یكلف كل طبیب بعلاج حالة تتناسب مع خبرته وكفاءته،فالولادة الطبیعیة یجریها طبیب مقیم )مبتدئ(،والولادة المتعسرة یلزمها طبیب اختصاص٣،وهناك انظمة اخرى تسمح للمریض بأختیار الطبیب المعالج بشروط معینة كأن یدفع المریض مقابلا مادیا لقاء
اتعاب الطبیب ولحسابه الخاص. ٣-الطبیب الذي یمارس المهنة لحسابه الخاص
١ منصور مصطفى منصور،المرجع السابق،ص١٨ وانظر علي عبید الجیلاوي،رضا المتضرر واثره في المسؤولیة المدنیة،رسالة دكتواره مقدمة الى كلیة القانون/جامعة بغداد،١٩٨٨،ص٥٦
٢تعلیمات السلوك المهني للاطباء،صادرة عن نقابة الاطباء في الع ارق،ك ارس مطبعة شفیق،بغداد١٩٧٠،ص٤ ٣ اب ارهیم الصیاد،حقوق المریض على الطبیب،بحث منشور في مجلة الحقوق والشریعة،الكویت،العدد الثاني،السنة
الخامسة١٩٨١،ص٢٨
- ١١٣ -
قد یختار المریض م ارجعة الطبیب في عیادته الخاصة وهو بهذا یخضع نفسه للنظام الذي یقرره
الطبیب في عیادته من حیث الوقت والمواعید والاتعاب)الاجرة(.ولكن یثور التسأول التالي:هل للمریض الحق في ان یعالج عند أي طبیب یختاره،وهل للطبیب رفض علاج أي مریض؟
الاصل هو ان للمریض الحریة المطلقة في اختیار طبیبه الذي یعالجه الا اذا كانت المعالجة في
مؤسسة مجانیة او كانت على نفقة شركة او مؤسسة او منظمة ارتبط بها المریض فلا یكون له الخیار في مثل هذه الظروف الا اذا تم الامر على نفقته١،كما ان للطبیب الحق في تقدیم خدماته لمن یرید الا في حالات معینه كحالة الضرورة ،والطوارئ،وفي حالة ارتباطه بالعنایة بمریض فأن علیه ان لا یهمله الا اذا اعفي من الاستم ارر بها والا ینقطع عن العنایة الا بعد اشعار مناسب یتسع معه للمریض مجال اختیار من یحل محله٢.واذا كان هذا هو الاصل فأنه یشترط لفرض علاج المریض ان لا یكون ارجعا الى حالة التعسف في استعمال الحق،فأذا تحققت هذه الحالة عد الطبیب مقص ار في واجبه فمثلا لو رفض طبیب ج ارح اج ارء عملیة ج ارحیة لمریض بحجة ان نسبة نجاح العملیة ضئیلة،وقد اشار الیه بم ارجعة ج ارح اخر،في حین یعتقد المریض ان اج ارء العملیة من قبل الج ارح الذي اختاره اضمن وافضل بكثیر من غیره،فأن هذا الج ارح یعتبر مخطئا ویتحمل المسؤولیة٣.ونرى ان رفض الج ارح للعلاج یعد ام ار تعسفیا،فمن استعمل حقه استعمالا غیر جائز لزمه الضمان،ویصبح استعمال الحق غیر جائز اذا كانت المصالح التي یرمي هذا الاستعمال الى
تحقیقها لاتتناسب مطلقا مع ما یصیب الغیر من ضر ار بسببها٤. المطلب الثاني
حق المریض في اختیار الطبیب
استقر في اغلب دول العالم ان للمریض مطلق الحریة في اختیار الطبیب.وهذا المبدأ یعتمد اساسا
على الثقة التي یودعها المریض للطبیب،فالطبیب عندما یمارس عمله انما یتعامل مع جسم هذا الانسان فیتحسس لالامه وینظر في كیفیة اداء اعضاء الجسم لوظائفها وفي عمله تترتب نتائج قد تكون ایجابیة او سلبیة نافعة او ضارة،ومن حق المریض ان یختار الطبیب الذي یعالجه ویودعه ثقته على امل شفائه من المرض،ولهذا فالعقد الطبي انما یقوم على اعتبا ارت شخصیة،حیث یرى المریض بأن الطبیب او الج ارح الفلاني هو طبیبه المفضل الذي ینقذه مما یعاني من قساوة الالم وم اررته.وقد نصت تعلیمات السلوك المهني للاطباء في الع ارق على ذلك بقولها "للمریض الحریة المطلقة في اختیار طبیبه الذي یعالجه الا اذا كانت المعالجة في مؤسسة مجانیة او كانت على نفقة شركة او مؤسسة او منظمة ارتبط بها المریض فلا یكون له
الخیار في مثل هذه الظروف الا اذا تم الامر على نفقته"
١تعلیمات السلوك المهني للاطباء،المرجع السابق،ص٢٠ ٢تعلیمات السلوك المهني للاطباء،المرجع نفسه،ص٢١ ٣منصور مصطفى منصور،المرجع السابق،ص١٥
٤المادة)٧/ب(من القانون المدني الع ارقي رقم)٤٠(لسنة ١٩٥١ المعدل - ١١٤ -

ان الاق ارر بالحریة المطلقة للمریض في اختیار الطبیب سیؤدي بالنتیجة الى عدم لجوء الطبیب
للتأثیر على الا اردة الحرة بأیة وسیلة من شأنها اجتذاب المریض،كما هو الحال في استعمال الوسطاء)الدلالین( او نشر مقالات في الصحف غیر المهنیة كأسلوب للدعایة الشخصیة او الایحاء من خلال الصحف بالتنویه عن مهارته الفنیة او بتوزیع نش ارت او بطاقات او الكتابة على اللافتات او الاذاعة او دور السینما او غیر ذلك مما لا یتفق وك ارمة المهنة.وقد درجت التشریعات على منع الاطباء من الالتجاء الى وسائل الدعایة لانفسهم ومن ذلك قانون نقابة الاطباء رقم)٨١( لسنة ١٩٨٤ المعدل،حیث تقضي الفقرة)اولا(من المادة)٢٢( منه بأعتبار قیام الطبیب بأجتذاب المرضى بوسائل الدعایة والترغیب او بأستخدام الوسطاء من الاعمال الممنوعة التي تحط من قدر المهنة١،ویسأل الطبیب المخالف انضباطیا بتوجیه احدى العقوبات الانضباطیة المنصوص علیها في القانون المذكور،اضافة الى المساءلة الج ازئیة في قانون العقوبات الع ارقي رقم)١١١( لسنة ١٩٦٩ المعدل،ولكن هذه الحریة المطلقة للمریض في ختیار الطبیب تتقید في حالات معبنه كما هي في علاقة المریض بالطبیب الذي یعمل في مؤسسات الدولة العلاجیة على النحو الذي ذكرناه عند بحث حق المریض بالعلاج،حیث یخضع المریض للنظام المعمول به في المؤسسة الصحیة بشأن كیفیة وطریقة تقدیم الخدمات الطبیة،ویرد قید اخر على هذه الحریة یقتضیه الواقع العملي نتیجة التخصص الدقیق لبعض فروع الطب فهناك بعض التخصصات برز فیها اطباء اختصاصیون بأختصاصات دقیقة وبأعداد قلیلة جدا،ا وان الشهرة التي اكتسبها طبیب ما لا تفسح المجال للمریض في التردد بأختیار هذا الطبیب.ولكن هذه القیود لاتخل بألمبدأ الاساسي في حریة الاختیار،اذ یبقى للمریض الحق في رفض العلاج في المستشفیات الحكومیة في أي مرحلة من م ارحل العلاج ومغادرة المستشفى على مسؤولیته،ویختار العلاج في مستشفى خاص او عیادة خاصة سواء داخل البلاد او خارجها.كما تتقید هذه الحریة في حالات لا یمكن معها فسح المجال لحریة الاختیار ومنها الحالات المرضیة الخاضعة للوائح الصحیة الدولیة نتیجة للاصابة بألام ارض المعدیة وذلك دفعا لحالة الخطر المتأتي من نشر العدوى بتلك الام ارض مما یتطلب الحجر على المصابین في مصحات او مستشفیات خاصة وخضوعهم لاسالیب وقائیة وعلاجیة تفرضها المؤسسة الصحیة دون اعت ارض٢،وحالة الاستعجال التي لاتعطي المجال من الوقت لكي یمارس المریض حریته في الاختیار
كأصابته بالنوبة القلبیة مما یتطلب اسعافه فو ار.
المطلب الثالث
حق المریض في الموافقة على العلاج
ان رضاء المریض بالعلاج لا یقصد به مجرد الایجاب الصادر من المریض والذي بألتقائه بقبول
الطبیب یتكون العقد الطبي بینهما،وانما هو رضاء خاص یتطلبه الفقه والقضاء متى ا ارد الطبیب مباشرة
١المادة)٢٢/اولا( من قانون نقابة الاطباء الع ارقیین رقم)٨١( لسنة ١٩٨٤ المعدل ٢اللوائح الصحیة الدولیة)I.H.R(الموقع علیها من قبل جمهوریة الع ارق عام ٢٠٠٥
- ١١٥ -
العلاج١،ولهذا استقر ال أري على ضرورة رضاء المریض الحر اثناء العلاج في غیر حالة الضرورة العاجلة على كل عمل طبي او ج ارحي على درجة معینة من الخطورة.
من المتفق علیه ضرورة توافر رضا المریض لقیام الطبیب بالعلاج أو أج ارء تداخل ج ارحي ، لأن
العبرة في العمل الطبي هي أن یكون لمصلحة المریض وأن عدم حصول رضا المریض وموافقته على العلاج وبصورة خاصة في المداخلات الج ارحیة ، وعدم قیام الطبیب بإیضاح مخاطر العملیة ونتائجها یجعل بلاشك مسؤولیة الطبیب قائمة عما یحصل من نتائج ضارة ج ارء العملیة ٕواذا كان هذا هو الأصل فقد یتعذر في بعض الحالات أستحصال موافقة المریض والتعبیر عن أ اردته كما لو كان في حالة إغماء أو كونه صغی ًار ناقص الأهلیة أو عدیمها وكان بحاجة الى تداخل ج ارحي مستعجل لإنقاذ حیاته فهل یستطیع الطبیب القیام بذلك من تلقاء نفسه .في هذا الافت ارض هناك مسألتین أولهما استحالة تقدیم المریض لرضاه وهنا یقوم رضا ولي النفس مقام رضاء المریض ، وثانیهما حالة الضرورة العاجلة التي تعتبر استثناء من الأصل العام بهدف إنقاذ حیاة المریض أو سلامة بدنه بحیث یكون العمل عاجلاً لا یتحمل التأخیر لحین حصول الموافقة٢ وتقرر هذا المبدأ أیضا في تعلیمات السلوك المهني للأطباء التي توجب مسؤولیة الطبیب عند عدم الحصول على موافقة المریض في المداخلات الج ارحیة وعدم إیضاح مخاطر العملیة باستثناء مااذا كان المریض في حالة فقدان الوعي أو غیر ارشد وفي هذه الحالة ینوب الأهل لأعطاء الموافقة في حال وجودهم٣. كما قضت محكمة جنح الج ازئر بب ارءة الطبیب ومساعدته عن التهمة المسندة ألیهما بوفاة طفل مصاب بورم نتیجة أج ارء عملیة ج ارحیة له، حیث ادعى والد الطفل انه لم یسمح للطبیب بأج ارء العملیة لولده فابرز الطبیب وثیقة
مثبت فیها رضاء والد الطفل٤ وقد لاحظنا بأن رضاء المریض یستلزم لصحته أن یكون حـ اًر وأن على الطبیب تنبیه المریض مسبقًا
واطلاعه على المخاطر والنتائج المحتملة لأج ارء التداخل الج ارحي ویصادف الطبیب أحیانا أثناء أج ارء العملیة امو اًر غیر متوقعة له أو خطأ في تشخیص الحالة المرضیة مما یقتضي منه القیام بأج ارء عمل طبي أخر لم یستحصل فیه رضاء مریضه فقضت المحاكم الفرنسیة بعدم لزوم اخذ رضا أحد بذلك وطبقت محكمة باریس هذا المبدأ في قضیة طبیب اخطأ في تشخیص مرض على أساس كونه قرحة في المعدة فلما فتح
١حسن زكي الاب ارشي المرجع السابق ص٣٠٥ ٢ منصور مصطفى منصور ، المرجع السابق ص١٨ )٣(تعلیمات السلوك المهني ، المرجع السابق ص ٣
وأفتى دیوان التدوین القانوني ) سابقا ( بصدد الموضوع مایلي :- بالنسبة لمریضة فاقدة الوعي ولم یكن أحد من أقاربها أو المسؤول عنها شرعا موجودا وتحتاج الى تداخل ج ارحي
فوري لإنقاذ حیاتها فأن هذه الحالة تعتبر من الحالات العاجلة التي تبیح للطبیب أن یتدخل ج ارحیاً استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون دون حاجة الحصول على رضاء المریضة أو ممثلها الشرعي ق ارر رقم ١٧٥/ ١٩٧٣ في ١٩٧٣/٧/٧ منشور في مجلة العدالة ، العدد الأول / السنة الأولى / ١٩٧٥ ، ص ٢٠٠ . ٤محكمة الج ازئر ٨٩٤/٣/٧ ) سیري –٩٥-٢-٢٣٧( مشار ألیه في محمد فائق الجوهري،المسؤولیة الطبیة في قانون العقوبات،رسالة دكتو اره،القاهرة ١٩٥١،ص٩٢
- ١١٦ -
البطن وجد أنه سرطان وقام باستئصاله١ وكذلك قیام الطبیب الج ارح أثناء أج ارء عملیة أستئصال ال ازئدة الدودیة لمریضتة فلاحظ ان مبایض المریضة ملتهبة فاستأصلها٢.وهنا یثور التسأول فیما اذا یتطلب استحصال موافقة المریض على العلاج الذي یقترحه الطبیب بعد ان اعطى المریض موافقته السابقة عند انشاء العقد الطبي الذي ارتبط فیه مع الطبیب في عیادته الخاصة او عند قبوله للعلاج في المؤسسة الصحیة
التابعة للدولة. لقد ظهر اتجاه یرمي الى ان موافقة المریض المسبقة تعني قیام الطبیب بالعمل الطبي واتخاذ أیة طریقة
من طرق العلاج وهو بهذا لایحتاج الى موافقة المریض ثانیة،بمعنى اخر ان الموافقة السابقة بمثابة تفویض للطبیب في اتخاذ ما ی اره مناسبا لعلاج مریضه٣.وعلى خلاف هذا الاتجاه فأن ال أري السائد هو ان تلك الفكرة تتعارض مع مبدأ عدم جواز التصرف في جسم الانسان ولا بد من حصول الطبیب على رضاء المریض عند اقدامه لاجارء العاجلة في الحالات التي تنطوي على درجة من الخطورة كأجارء العملیات الج ارحیة او أي عمل طبي اخر،بأستثناء حالات الضرورة العالجة التي تقتضیها حالة المریض لانقاذ حیاته دون انتظار حصول موافقته او موافقه ذویه ویستلزم في هذه الحالة ان یكون تدخل الطبیب لازما وضروریا،أي ان التدخل هو الوسیلة المطلوبة لانقاذ المریض او سلامة بدنه في مقابل تضحیه او خطر محتمل اقل مما یتعرض له المریض لو لم یتخذ هذا العمل،كما یلزم ان یكون التدخل عاجلا لایتیح أي فصرة للتأخیر لغرض استحصال الموافقة على العلاج كأن یكون المریض في حالة غیبوبة او ناقص الاهلیة وبشكل عام لایستطیع التعبیر عن ا اردته وقد یتعذر ایضا الحصول على موافقة ذویه او المسؤول عنه شرعا فأن هذه الحالة تبیح للطبیب ان یتدخل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون دون حاجة الحصول على رضاء
المریض اوممثله الشرعي. واثیرت مسألة الضرورة والاستعجال وتعددت الا ارء بشأنها في حالة ما اذا ظهر للج ارح اثناء مباشرته
عملیة ج ارحیة رضى بها المریض مسبقا ما یدعو الى اج ارء عملیة اخرى. لقد فرق الفقه والقضاء في هذه المسألة بین فرضین: الاول:اذا باشر الج ارح العملیة التي اتفق علیها مع المریض،وظهر له اثناء ذلك مرض یحتمل التأجیل.وفقا لل أري ال ارجح یجب على الج ارح ان یوقف العملیة ولا یباشر بأج ارء عملیة ثانیة الا بعد ان یطلع المریض على ما جد من امور تم اكتشافها ویأخذ قبوله على العملیة الثانیة٤.وفي هذه الحالة یلزم القضاء الطبیب بأن یوقف العملیة ولو كان بأمكانه الحصول على موافقةعائلة المریض،لان قبول هؤلاء لایكفي مادامت العملیة غیر مستعجلة.
١ باریس في ١٩٤٦/٢/٢ دالوز ١٩٤٧ مشار ألیه في محمود مصطفى مسؤولیة الأطباء والج ارحین الجنائیة بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد ، العدد الأول السنة ١٩٤٨ص ٢٨٤ .
٢ محمد حسین منصور ، المسؤولیة الطبیة،موسوعة القضاء والفقه،الجزء ١٩٨٥,٢٤١ ص١٣ ٣ منصور مصطفى منصور،المرجع السابق،ص١٨ ٤ عبد الرحمن عبد الرازق داوود الطحان،مسؤولیة الطبیب المدنیة عن اخطائه المهنیه،رسالة ماجیستیر،كلیة القانون
والسیاسة،جامعة بغداد،حزی ارن ١٩٧٦،ص٣٣٧.علي عبید الجیلاوي،المرجع السابق،ص٥٦
- ١١٧ -
اما الفرض الثاني اذا كانت العملیة مستعجلة،وكان ارجاؤها حتى یفیق المریض لاستحصال
قبوله،یتضمن خط ار على حیاته او یفقده الامل في الشفاء فیجب على الطبیب ان یباشر بالعملیة دون الحصول على القبول.وهذا ال ارى هو مانرجحه ذلك ان حالة الضرورة یمكن ان تتحقق والمریض في كامل وعیه ومن باب اولى أن تتحقق والمریض فاقد لوعیه نتیجه عملیة التخدیر بغیة اج ارء العملیة الج ارحیة،متى ما توافرت جمیع شروطها من خطر جسیم على النفس ولا یمكن منعه بأیة وسیلة اخرى.والعبرة فیما یعتقده الطبیب،فأذا اعتقد الطبیب ان حالة المریض من الضرورة بحیث تستوجب تدخله الج ارحي كان له ان
یتدخل،ولا مسؤولیة علیه في ذلك.
المطلبالاربع
حق المریض في معرفة حقیقة مرضه
من الحقوق الثابته للمریض حقه في معرفة حقیقة مرضه،فأذا كان الواجب یقضي على الطبیب
استحصال موافقة مریضه او ذویه على القیام بالعمل الطبي الذي یتضمن درجة معینه من الخطورة فأن للمریض الحق قبل اعطاء موافقته بقیام الطبیب بالعمل الطبي او التداخل الج ارحي ان یعلم حقیقة مرضه ومخاطر اج ارء العملیة الج ارحیة ثم یوازن بین الاقدام على اج ارء العملیة وبین المخاطر المحتملة وهو على معرفة تامة وبصیرة من ذلك.ولم یسلم هذا الحق من اثارة بعض الخلافات الفقهیة والطبیة بشأنه،وهل یلزم
الطبیب بتبصیر مریضه بحالته ومخاطر علاجه طالما ان المریض ابدى موافقته على العلاج؟ ظهرت ثلاثة اتجاهات بهذا الصدد: الاتجاه الاول:وهذا الاتجاه نادى به من یقول بأن العقد الطبي للعلاج الذي یقبله المریض ابتداءا او قبوله العلاج في المستشفى العام،یتضمن تفویضا مسبقا للطبیب في اتخاذ ما ی اره من طرق العلاج بحیث یكون للطبیب ان یقرر ما ی اره مناسبا من الاعمال الطبیة دون طلب موافقة المریض،وكان من نتیجة هذا ال أري ان لایلتزم الطبیب بتبصیر المریض بحالته ومخاطر العلاج الذي ی ارد اتخاذه.واستند اصحاب هذا ال أري الى الاعتبا ارت الاتیة: اولا- لقد قیل بأن قبول المریض ابتداءا للعلاج یعني انه یثق في طبیبه ولهذا یطالب الاطباء بأن تكون الثقة في الطبیب كامله،وغیر مشروطة فیجب ان یترك المریض الطبیب یتصرف كما یشاء،ذلك ان ضعف المریض بسبب مرضه،وجهله بالمسائل الطبیة یجعله خاضعا لنوع من وصایة الطبیب١ ثانیا- كما قیل ایضا ان ال ازم الطبیب بأن یخبر المریض بألاسالیب العلمیة التي ادت به الى تشخیص المرض ومبرارت العلاج الذي یقترحه والمخاطر التي قد یؤدي الیها العلاج المقترح،كل هذا من شانه ان
١منصور مصطفى منصور،المرجع السابق،ص٢٠،ص٢١.وبنفس المعنى علي عبید الجیلاوي،المرجع السابق،ص٦٠،ص٦١
- ١١٨ -
یتعذر على الطبیب ممارسة عمله بالفاعلیة المطلوبة.وعلى هذا الاساس فان دور الطبیب لیس تبصیر المریض،وانما علاجه علاجا مناسبا مع مساعدته برفع روحه المعنویة١ ثالثا- ان تبصیر المریض بحقیقة مرضه وبالمخاطر التي یتعرض لها،كثی ار ما یكون عملا غیر انساني ویؤدي الى نتائج سیئة بالنسبة لحالة المریض النفسیة والتي قد تضاعف حالته المرضیة،واخفاء بعض الحقائق عن المریض قد یؤدي الى رفع روحه المعنویة ومساعدته على مواجهة المرض وتخطیه٢ اربعا- ان كثی ار من اس ارر الجسم البشري لم تكتشف بعد والمخاطر التي قد تحدث لبعض الاشخاص قد لاتحدث لغیرهم،فرد فعل جسم شخص معین قد یختلف عن رد فعل جسم شخص اخر بالنسبة للعمل الطبي الواحد٣،وكثیر من المخاطر لا یمكن معرفتها مسبقا،فذكر المخاطر المشار الیها في الم ارجع الطبیة،والتي قد تؤدي الى رفض المریض للعلاج قد لاتتحقق بالنسبة لهذا المریض الاتجاه الثاني:یرى انصار هذا الاتجاه٤ بأنه یتوجب على الطبیب تبصیر مریضه بحقیقة مرضه وبالمخاطر التي یمكن حصولها،واي اخفاء بحقیقة ما او الكذب فیما یدلي به الطبیب للمریض یعتبر خطأ موجبا لمسؤولیته.ویستند انصار هذا ال أري الى الاعتبا ارت التالیة: اولا- ان م ارعاة حق الانسان في الحیاة وفي سلامة بدنه یقتضي عدم المساس بجسمه الا بعد الحصول على رضاه،حتى ولو كان هذا المساس من اجل العلاج.ولكي یكون رضا المریض صحیحا یجب ان یصدر عن بینة بالحقائق التي یمكن ان تؤثر في تكوین ا اردته عند التعبیر عن رضائه.وان اخفاء الحقیقة او الكذب على المریض یعتبر اعتداء على حریته٥. ثانیا-الاصل ان المریض انسان حر كامل الاهلیة،وهو صاحب الحق الاول على سلامة بدنه،ولا یحق للطبیب افت ارض عدم اكتمال اهلیته حتى یرفض اطلاعه على الحقیقة،فالمریض لیس مجرد شي یكون محلا لعمل الطبیب،والقول بخلاف ذلك یؤدي الى ان مجرد تعاقد المریض مع الطبیب،او دخوله المستشفى سیفقد ا اردته واهلیته ویصبح تحت رحمة الطبیب لا یعرف ماسیفعله به٦
١حسام الدین كامل الاهواني،المشاكل القانونیة التي تثیرها عملیات زرع الاعضاء البشریة،د ارسة مقارنة،مطبعة
جامعة عین شمس،١٩٧٥،ص٨٨.جابر مهنا شبل،المرجع السابق،ص١٦٢ وما بعدها
٢حسام الدین الاهواني،المرجع نفسه،ص٨٨
٣محمد حسین منصور،المرجع السابق،ص٣٣
(4)Decocq(andre):Essai dune theorie generale des droits sur la personne,paris 1960,no.510,p.362
Mazeaud:le (H et L) et tunc (A):Traite theorique et pratique de la responsabilite civil. Tome I,sixieme ed,paris 1065,No.511
الاهواني،المرجع نفسه،ص٩٢ وما بعدها.الاب ارشي،المرجع السابق،ص٣١٦.عبد الرشید مأمون،عقد العلاج بین النظریة والتطبیق،دار النهضة العربیة،القاهرة،ص٢٠. ٥منصور مصطفى منصور،المرجع نفسه،ص٢٢ ٦الاهواني،المرجع نفسه،الصفحة ذاتها....منصور مصطفى منصور،المرجع نفسه،الصفحة ذاتها
- ١١٩ -
ثالثا-العقد الطبي من العقود التي تقوم على الاعتبار الشخصي.فعلاقة المریض بالطبیب تعتمد على الثقة والتعاون المتبادل،وقد تنهار هذه الثقة بمجرد كذب الطبیب او اخفائه عن مریضه المعلومات المتعلقة بمرضه والمخاطر التي یتعرض لها،ومتى انعدمت الثقة استحال التعاون بینهما.مما دعا جانبا من الفقه الى اعتبار اخفاء الطبیب لاي من المعلومات،او الكذب على المریض من شانه ان یجعل رضاء المریض معیبا بالغلط
او التدلیس١ وبالتالي یكون العقد باطلا. اربعا-ان الت ازم الطبیب بالتبصیر لا یعني ذكر كل التفاصیل الفنیة التي یقف امامها المریض موقف الجاهل بأصول الفن الطبي،وانما یلتزم الطبیب بأیضاح حقیقة المرض ومخاطر العلاج بشكل عام،والتي یفهما الشخص المدرك.ولهذا فالتبصیر یختلف بین الاشخاص باختلاف ثقافتهم ومعرفتهم.والمهم من التبصیر هو ان المریض یستطیع الموازنة بین الاحتمالات.ولذا لا یصح القول بأن التبصیر یؤدي الى تعذر قیام الطبیب بالعلاج بالفاعلیة المطلوبة. الاتجاه الثالث:یتزعم هذا الاتجاه الاستاذ كاربونییه carbonnier فهو یرى بأن للطبیب ان یكذب على مریضه،ولهذا الكذب حدود معینه لا یتجاوزها،وان یخفي علیه حقیقة مرضه بشرط عدم استعمال الوسائل الاحتیالیة لذلك،وان یكون هدف الطبیب تحقیق مصلحة مریضه٢وذهب البعض،الى ان الت ازم الطبیب بالتبصیر لیس مطلقا،فیعترض هذا الالت ازم من الناحیة العملیة ام ارن،جهل المریض بأصول الفن الطبي،وحالته النفسیة.ولهذا فأن القضاء یقرر عدم ضرورة ال ازم الطبیب بأعطاء المریض تفصیلات فنیة عن العلاج،ویكفي ان یبین له الغرض منه والنتائج المحتملة له،ویجب ایضا ان یرعى حالة المریض النفسیة،فلا یشرح له من اخطار العملیة ما قد یهبط بحالته النفسیة٣.اما بشأن الاخفاء الطبي فیجب على الطبیب عدم اخفاء المخاطر المتوقعة للعلاج او التدخل الج ارحي.فللمریض الخیار بقبول التدخل او رفضه بعد تبصیره من قبل الطبیب بطبیعة المرض ومخاطر العلاج،الا ان الاخفاء المسموح به وفق هذا الاتجاه هو بالنسبة للمخاطر غیر المتوقعة او البعیدة الاحتمال والتي ان ذكرها الطبیب سیكون لها مردود عكسي واثر سلبي على حالة المریض النفسیة.ولذا یعد الاخفاء في مثل هذه الاحوال متسامحا فیه،فهو یهدف الى مصلحة المریض وعلاجه. ولكن ما هو موقف القضاء من تبصیر المریض؟
یبدو من الق ار ارت الصادرة عن القضاء الفرنسي ان المحاكم الفرنسیة وكقاعدة عامة تأخذ بالاتجاه
الذي ینادي بضرورة الت ازم الطبیب بتبصیر مریضه.فقد ذهبت محكمة النقض الفرنسیة الى تقریر مسؤولیة الطبیب الج ارح لقیامه بج ارحة تجمیلیة لمریضة دون اطلاعها على مخاطر العملیة،والاثار المؤلمة التي ترتبت علیها.كما قضت محكمة باریس بمسؤولیة الطبیب الذي اجرى ج ارحة جزئیة لمریضه دون ان یحیطه علما مسبقا بأن تلك العملیة سیعقبها بالضرورة عملیة ج ارحیة اخرى اكبر واشد خطورة.واصدرت محكمة لیون ق ارر یقضي بأن )على الطبیب في غیر حالة الضرورة،ان یحصل على الموافقة المتبصرة والحرة قبل المباشرة
(1) Decocq(A):Op.cit.no.510.p.362,363.
(2) carbonnier:note sous paris 7 mars 1952 J.C.P. 1952,11.7210
٣الاب ارشي،المرجع السابق،ص٣١٩
- ١٢٠ -
بأج ارء التدخل الج ارحي.وهذا الالت ازم على عاتق الطبیب یوجب اطلاع المریض بالمخاطر التي یمكن حدوثها نتیجة التدخل الج ارحي.فهذا الحكم یلزم الطبیب بأن یحذر المریض من كل المخاطر العادیة والاستثنائیة١.
ومما تقدم نجد ان على الطبیب القیام بتبصیر مریضه بحالته الصحیة واحتمالات مرضه ومخاطر
العمل الطبي والجارحي،ویلزم على الطبیب من اجل الحصول على موافقة المریض،بأن یحیطه علما بالمخاطر الهامة والمعتادة وبكل النتائج الضارة التي یمكن ان تنشأ من ج ارء تدخله ولا یلزم بتبصیر مریضه بالمخاطر البسیطة والمخاطر النادرة البعیدة الاحتمال والنتائج التي یندر وقوعها في العمل.كما انه لایلزم الطبیب بأعطاء المریض كل التفاصیل التي لایستطیع اد اركها علمیا أي المسائل ذات الطابع الفني وانما علیه القیام بشرح مبسط حسب ثقافة وقدرة واد ارك وسن المریض لفهم تلك المعلومات وقد یرد على حق المریض في معرفة حقیقة مرضه استثناء تقتضیه الجوانب الانسانیة كما في حالة المرض الممیت حیث یتجنب الطبیب
اخبار المریض ولهذا فهو یلجأ الى اطلاع ذویه)اقرب الاقربین( او المسؤولین عنه قانونا الا اذا لم یتوفر هؤلاء وكان المریض في حالة نفسیة وعقلیة سلیمة فیحتم الواجب اخباره مع
الاحتیاطات المناسبة التي یقتضیها الموقف والظروف اذ لا بد للمریض من معرفة الحقیقة لكي یتسنى له
تصفیة شؤونه وعلاقاته الحیاتیة٢
١مجموعة الق ار ارت القضائیة الفرنسیة مشار الیها في جابر مهنا شبل،المرجع السابق،ص١٦٧،ص١٦٨. ٢تعلیمات السلوك المهني،المرجع السابق،ص١٦
- ١٢١ -
المبحث الثاني
حقوق المریض بعد مباشرة العمل الطبي
لاحظنا في المبحث الاول ان للمریض حقوقاً تترتب على الطبیب قبل اعطاء المریض موافقته على
مباشرة العمل الطبي من قبله ، بحیث لا یجوز للطبیب ان یتجاوز تلك الحقوق الا في حالات استثنائیة تملیها مصلحة المریض في العلاج ، ولكن بعد ان یقوم المریض باعطاء موافقته وتبصیره بحقیقة مرضه ، فیقع على الطبیب عدة واجبات هي بالمقابل حقوقاً للمریض فعلى الطبیب الالت ازم المعالجة الطبیة بكافة انواعها ، وعندما یطلع الطبیب بحكم مهنته على اس ارر مریضه فان علیه واجب المحافظة على تلك الاس ارر وعدم افشائها والا یقع تحت طائلة المسؤولیة الجنائیة واذا كانت الثقة بین المریض والطبیب هي الدافع الى اختیار المریض لطبیبه با اردته الحرة والتي یترتب علیها انشاء العقد الطبي فلیس معنى ذلك استم ارر هذا العقد وبقائه طیلة فترة العلاج فالمریض حر في انهاء هذه العلاقة في أي وقت لاسباب یعتقدها هو ضروریة لانهاء العقد
وفسخه. ان البحث في هذه الحقوق یقتضینا ان نقسم هذا المبحث الى ثلاثة مطالب نبحث في المطلب الاول حق المریض ببذل العنایة لشفائه من المرض ، ونشرح في المطلب الثاني حق المریض بعدم افشاء اسارره ونخصص المطلب الثالث لد ارسة حق المریض في فسخ العقد الطبي .
المطلب الاول
حق المریض ببذل العنایة لشفائه من المرض
عندما یمرض الانسان وی ارجع الطبیب فهو انما یطلب مساعدة الطبیب لتخفیف آلامه ومعالجته مما
یعاني من مرض آلم به وصولاً الى الشفاء ومن المعروف ان مهنة الطب مهنة انسانیة ترتبط ارتباطاً وثیقاً بحیاة الانسان والطبیب نفسه عندما اختار الطب مهنة له فهو الآخر یهدف الى تقدیم المعونة الى المرضى من خلال ما تعلمه من علوم الطب فیقع علیه واجب العنایة بالمریض ، ولهذا قیل بان الت ازم الطبیب تجاه
مریضه هو الت ازم ببذل العنایة لا الالت ازم بتحقیق نتیجة ولكن ما هو مضمون هذا الالت ازم ؟ ان مضمون هذا الالت ازم هو بذل الجهود الصادقة والیقظة والتي تتفق والظروف القائمة والاصول
العلمیة الثابتة بهدف شفاء المریض وتحسین حالته الصحیة وهذا ما عبرت عنه محكمة النقض الفرنسیة في ق اررها الشهی ارلصادر سنة١٩٣٦ حیث وصفت العنایة المطلوبة بالعنایة الوجدانیة الیقظة الموافقة للحقائق
العلمیة المكتسبة)١( . نخلص من هذا ان للمریض حقاً ثابتاً بمواجهة الطبیب الذي یختاره الا وهو بذل العنایة المطلوبة
ولكن كیف یمكننا تقدیر مستوى هذه العنایة لكي نعتبر الطبیب قد اوفى بالت ازمه بالعنایة ولم یكن مقص اًر بذلك .
)١( ١٩٦٩/٦/٢٦ مشار الیه في حسن الفكهاني وعبد المنعم حسني ،موسوعة القضاء والفقه ،الجزء )٢٥١(ص)٤٥(.
نقض فرنسي ١٩٣٦/٥/٢٠مشار الیه سابقا ص)١ (وانظر بنفس المعنى ق ارر محكمة النقض المصریة رقم )١١١(في
- ١٢٢ -
لقد تنازع هذا الموضوع معیا ارن هما المعیار الشخصي )الواقعي( والمعیار الموضوعي )المجرد(
فالمعیار الشخصي یستلزم النظر الى الطبیب نفسه لا الى الفعل الضارثم البحث عما وقع منه هل یعتبر انح ارفاً في سلوكه وتقاس المسؤولیة هنا بمقیاس من فطنة الطبیب وذكائه ، وعلى هذا الاساس فان العنایة
المطلوبة التي یجب ان یبذلها الطبیب هي ال ازمه بما اعتاد على بذله من یقظة وتبصر. اما المعیار الاخر وهو المعیار الموضوعي )المجرد(والذي یؤیده جمهور الفقهاء فیتلخص مضمونه
بأن یقاس الانح ارف بسلوك شخصي مجرد هو الشخص العادي فلا هو خارق الذكاء فیرتفع الى الذروة ولا هو
محدود الفطنة خامل الهمة فینزل الى الحضیض)١( . ولهذا یمكن القول بأن العنایة المطلوبة من الطبیب هي عنایة الطبیب المعتاد وفق أصول الفن الطبي وبخلافه فأن الطبیب یعد مسؤولا إذا ما خرج عن القواعد
الأساسیة والتي لایغتفر الجهل بها لطبیب من أوسط زملائه علما وفنا ، وقد أشارت محكمة النقض المصریة إلى مسؤولیة الطبیب عن كل تقصیر في مسلكه الطبي لایقع من طبیب یقض في مستواه المهني وجد في
نفس الظروف الخارجیة التي أحاطت بالطبیب المسؤول)٢( كحالة المریض ، ودرجة خطورة تلك الحالة وما تستلزمه من إسعافات عاجلة ، ووقت ومكان إج ارء العلاج ، وتوافر الإمكانیات الفنیة من عدمها ، فلا یمكن
والحالة هذه قیاس الطبیب الذي یتولى العلاج في مركز طبي متقدم لدیه من المستلزمات الفنیة والامكانیات العلمیة بمركز صحي في قریة نائیة لاتتوفر فیه المستلزمات الضروریة ،وعدم تیسر الاستشارة الطبیة الفوریة من الاطباء الاختصاصیین ال ازخرین ، كما هو علیه الحال في الم اركز المتقدمة والمستشفیات الرئیسیة ،وبعد ان عرفنا العنایة الطبیة المطلوبة من الطبیب وحق المریض في هذه العنایة وهل تقتصر على مرحلة دون
اخرى من م ارحل علاقة المریض . في الحقیقة ان علاقة الطبیب بالمریض تمر بم ارحل متعددة بعد موافقة المریض على العلاج تبدأ
بمرحلة اختیار المریض للطبیب وقبول الطبیب لعلاج المریض تلیها مرحلة تشخیص المرض ووصف العلاج وقد یحتاج المریض الى تداخل ج ارحي وما یستتبع ذلك من العنایة الضروریة بالمریض بعد اج ارء العملیة .
إما بصدد مرحلتي التشخیص ووصف العلاج فیتطلب من الطبیب الاستعانة بكافة الوسائل التي تعد
اصولاً علمیة ثابتة للتوصل الى معرفة حقیقة المرض الذي یعاني منه المریض فهو مسؤول عما یستعمله او یقصر في استعماله من وسائل التشخیص ، فبعد قیام الطبیب بالفحص السریري یحتاج الى تأكید تشخیصه في احوال اخرى او ا ازلة الشك او الغموض الذي انتاب التشخیص بأخذ نماذج من الاد ارر او الغائط او الدم او الشعر او ایة اف ار ازت اخرى لاج ارء التحلیل المختبري علیها ، وارسال المریض الى الفحص الشعاعي ویقع على الطبیب ال ازم بأحاطة نفسه بالمعلومات الضروریة التي تساعده على تكوین أریه بأج ارء الفحوصات المختلفة للتوصل الى التشخیص السلیم خاصة وأن التكنولوجیا الحدیثة قد وفرت وسائل علمیة متطورة في
)١(
عبد الر ازق احمد السنهوري ،الوسیط في شرح القانون المدني ، الجزء )١( ، دار النهضة العربیة ١٩٦٤ فقرة )٥٢٨( ،ص)٨٨٤(.
نقض مصري مدني في ١٩٧١/١٢/٢١ ،مشار الیه في محمد حسین منصور ،المرجع السابق ،الجزء ٢٤١
- ١٢٣ -
)٢( ،١٩٨٥،ص١٣.
التشخیص من خلال الأجهزة الطبیة الحدیثة التي تعطي نتائج أكیدة سواء بالنسبة للفحوص المختبریة أو الفحوص الشعاعیة .ولهذا فمتى ثبت استعانته بجمیع الوسائل الطبیة الأصولیة فأنه لایكون مسؤًولاً عن الخطأ في التشخیص .
وبهذا قضت محكمة )روان(بأن الخطأ في التشخیص ولو أدى إلى إج ارء عملیة ج ارحیة أودت بحیاة
المریض لا یوجب بذاته مسؤولیة الطبیب لصعوبة التشخیص ، وعدم إمكان الوصول إلى الحقیقة
وقد استقر القضاء الفرنسي على اعتبار الطبیب مسؤولا عن التشخیص في حالة الإهمال بالرجوع
الى الوسائل اللازمة للتشخیص والإحاطة بكل المعلومات الضروریة التي یتطلبها العلم ، وقضت محكمة النقض الفرنسیة بمسؤولیة الطبیب لإهماله في اللجوء الى التصویر ألشعاعي لتشخیص حالة المریض المصاب بكسر في عظم العضد ، بینما شخص الحالة كونها التواء مفصل الذ ارع مما سبب ضر ار بالغا
للمریض )١(وفي حالة احتیاج المریض إلى تدخل ج ارحي فیلزم إن یكون الطبیب الج ارح حذ ار ویقضا ودقیقا في اتخاذ الق ارر بأج ارء العملیة الج ارحیة وهو بذلك یعتمد على وسائل التشخیص المتوفرة لدیه ، ولهذا قضي بتقصیر الطبیب وترتیب المسؤولیة لامتناعه عن عمل أشعة للمریض الذي كان یشكو من آلام حادة .
وفي مجال الآ ارء والمدارس الطبیة في كیفیة التشخیص والمعالجة فلیس هناك إل ازم على الطبیب
بأتباع أري دون أخر أو مدرسة دون أخرى حیث إن المتفق علیه إن هذه الآ ارء لا ازلت في بحث مستمر وان الأمانة العلمیة تحتم على الطبیب مواصلة الاطلاع على ما یستجد في الحقل الطبي ومواكبة سیر التقدم
العلمي لكي یوفر للمریض خیر العنایة الطبیة . وفي حالة احتیاج المریض إلى تدخل ج ارحي فیلزم إن یكون الطبیب الج ارح حذ اًر ویقظاً ودقیقاً في
اتخاذ الق ارر باج ارء العملیة الج ارحیة وهو بذلك یعتمد على وسائل التشخیص المتوفرة لدیه ، ولهذا قضي بتقصیر الطبیب وترتیب المسؤولیة لامتناعه عن عمل اشعة للمریض الذي كان یشكو من آلام حادة.
بینما یرى طبیب آخر رغم فشله في استخ ارج طرف ابرة من الجرح فهو وان لم یقم باج ارء الاشعة
لمعرفة وضع الجسم الغریب لان حالة المریض لم تكن تسمح بنقله الا انه قام بالفحوص والمجهودات اللازمة بهذا الصدد . كما یلزم المعرفة التامة بالحالة الصحیة للمریض وقابلیته الجسمیة والنفسیة لتحمل العملیة فان الطبیب یعد مسؤولاً عن فشل العملیة الناشئ عن حالة المریض العامة نظ اًر لكون حالة المریض لم تكن مجهولة للطبیب قبل اج ارء العملیة .
ومن الطبیعي ان خطأ الج ارح الثابت اثناء اج ارء العملیة بسبب الاهمال او التقصیر او عدم م ارعاته
لجانب الحیطة والحذر او عدم اتباعه للاصول الفنیة یرتب مسؤولیته عن ذلك . ویتاكد حق المریض في العنایة بعد اج ارء العملیة الج ارحیة فلا ینتهي دور الج ارح بمجرد اج ارء العملیة وافاقة المریض من التخدیر وانما یكون مسؤولاً عن نتائج المارقبة اضافة الى مسؤولیة المساعدین الآخرین له من اطباء مقیمین و ممرضین في العنایة بالمریض وعلى المساعدین واجب تنفیذ التعلیمات التي یصدرها الطبیب الج ارح باعطاء
(1)paul-jolien doll,dalloz,vol iv,1973.no,490,491,499,p30,31 . - ١٢٤ -

الادویة في اوقاتها ، ولزوم المارقبة المستمرة للمریض فهو احوج الى المارقبة بعد اجارء العملیة وكذلك استدعاء الج ارح او غیره عند حصول حالة من حالات الضرورة العاجلة او الخطرة. كما یلزم الطبیب ببذل العنایة اللازمة في اختیار الدواء والعلاج المناسب وفقاً لتشخیص الحالة المرضیة التي توصل الیها . ولكن هل بالضرورة ان یكون الدواء او العلاج الذي وصفه شافیاً للمریض ؟ ان حق المریض في العنایة یعني بالمقابل واجب الطبیب ببذل العنایة المطلوبة ، أي ان الت ازم الطبیب هو الت ازم ببذل العنایة ولیس بتحقیق الغایة ، ولهذا فان على الطبیب بذل العنایة بم ارعاة الجوانب العلمیة في وصف الدواء من حیث نوعیته وكمیته وم ارعاة ظروف المریض نفسه من حیث سنه وبنیته وقابلیته لتحمل الدواء او العلاج .
المطلب الثاني
حقالمریضبعدمإفشاءأسارره
كتمان السر واجب أدبي یستمد قوته من مبادئ الأخلاق والشرف والأمانة وقد سبقت الأدیان
السماویة التشریعات الوضعیة في الحث على الابتعاد عن إفشاء إس ارر الغیر ، وقد ورد في السنة النبویة الشریفة أحادیث عدیدة تأمر المسلم بستر عورة أخیه المسلم وعدم إذاعة أو إفشاء إس ارره ومن ذلك قول النبي
)ص( ))أنما یتجالس المتجالسان بأمانة االله فلا یحل لأحد أن یفشي على صاحبه ما یكره(( )١( . والحكمة من ذلك عدم إلحاق أذى بسمعة صاحب السر أو اعتباره أو شرفه والطبیب كغیره من
أصحاب المهن تقتضي طبیعة عمله تلقي إس ارر مرضاه فصار ل ازما على المریض إن یفضي بأس ارره الى الطبیب طلبا للمنفعة ، ٕوالا كیف یستطیع الطبیب إن یشخص المرض ویعالج المریض دون إن یطلع على أحواله وتفاصیل مرضه ، وبالمقابل كیف للمریض أن یطمئن على أس ارره التي أودعها إلى الطبیب بحكم الضرورة التي ألجأته ولهذا فقد تدخل المشرع وألزم أصحاب المهن ومنهم الأطباء بالمحافظة على أس ارر الناس ، ونص على معاقبة المخالف لهذا الالت ازم بقصد تأكید الثقة الواجبة بهذه المهن لتؤدي دورها كما
ینبغي ولكي تطمئن نفوس الإف ارد وتصان مصالحهم )٢( . ان حق المریض بعدم افشاء اس ارره قدیم قدم الحضا ارت الانسانیة فقد تضمنت طقوس الاعت ارف
البابلیة العدید من الالت ازمات الاخلاقیة التي یشكل انتهاكها انتهاكاً للآلهة ومنها الالت ازم بعدم الوشایة دلالة على كتمان السر كما التزم اطباء مصر القدیمة بالقسم الطبي الذي حدد واجبات الاطباء نحو مرضاهم ومنها حفظهم لاس اررهم ،وتدلل كتابات فلاسفة الاغریق على حق المریض في كتمان سره حیث یقول )ابو ق ارط( في وصیته المعروفة بترتیب الطب )ینبغي ان یكون مشاركاً للعلیل مشفقاً علیه حافظاً لاس ارره لان كثی اًر من
المرضى یوقفونا على ام ارض بهم لا یحبون ان یقف علیها غیرهم ( .
)١(
الحافظ شهاب الدین ابي الفضل العسقلاني ،فتح الباري لشرح البخاري ،الجزء الثالث عشر ، مطبعة مصطفى البابي بمصر ١٩٥٩ ، ص٣٢٥.
جابر مهنا شبل ، الالت ازم بالمحافظة على سر المهنة ، رسالة ماجستیر مقدمة الى كلیة القانون والسیاسة جامعة بغداد
- ١٢٥ -
)٢( ،آذار ١٩٨٤ ص٢.
واشار )سق ارط( بقوله )المشكور في كتم س ار لمن یستكتمه وأما من استكتم س ار ،فذلك واجب علیه( .
ثم یقول اكتم سر غیرك كما تحب ان یكتم غیرك سرك)١( . كماعرفت روما هذا الحق وورد ذلك في مؤلفات )شیشرون ( وفي عصر الإمب ارطوریة الرومانیة كانت عقوبة
الطبیب الذي یفشي إس ارر مرضاه السجن والقتل والإلقاء ء للوحوش)٢( ویعد كتمان السر في الشریعة الاسلامیة من ابرز الحقوق الادبیة فهو من صمیم الاخلاق الاسلامیة
وذكره الفقهاء المسلمون في كتاباتهم .یقول الامام الزبیدي )ومن ذلك ان یسكت عن افشاء سره الذي استودعه ایاه وله ان ینكره من اصله وأن یكون كاذبا في انكاره فلیس الصدق واجباً في كل مقام بل في بعض المواضع یستحسن الكذب شرعا فأنه كما یجوز للرجل ان یخفي عیوب نفسه وان یخفي اس ارره وان احتاج الى الكذب فله ان یفعل ذلك في حق اخیه فأن اخاه نازل منزلته وهما كشيء واحد لا یختلفان الا بالبدن فهذه حقیقة
الاخوة والصداقة ( )٣( . واشترط ابو الحسن ابن هبل البغدادي ،أن یؤخذ عهد بكتمان السر ممن یطلب الأذن بممارسة مهنة
الطب ،حیث یقول )وكذلك یأخذون علیهم العهود في حفظ الاس ارر فأنهم یطلعون على ما لایطلع علیه الاباء
والاولاد في احوال الناس( )٤( وأضاف العرب الى القسم الطبي عناصر استمدت من الشریعة الاسلامیة فذكره ابن ابي اصیبعة )وأما الأشیاء التي اعانیها في اوقات علاج المرضى او اسمعها او في غیر اوقات علاجهم
في تصرف الناس من الاشیاء التي لاینطق بها خارجاً فأمسك عنها وأرى ان امثالها لاینطق به ( )٥(. وحمایة لحق المریض بكتمان أس ارره فقد قررت التشریعات في معظم دول العالم عقوبة على من
یفشي السر فنصت المادة )٣١٠( من قانون العقوبات المصري على معاقبة كل من ))الأطباء والج ارحین والصیادلة والقوابل وكل من الأشخاص الآخرین المودع لدیهم بمقتضى مهنهم أو وظیفتهم س اًر ائتمنوا علیه فأفشوه في غیر الحالات التي یوجب فیها القانون أو یجیز ابلاغ ذلك (( كما اقر الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان الصادر عام )١٩٤٨( حق الفرد في حمایة أس ارره وعدم انتهاكها .
)١( )٢(
١٩٧٤، ك ارس مطبوع بالرونیو ،ص٧.
ابن ابي اصیبعة ،عیون الانباء في طبقات الاطباء ،الجزء الاول ،دار الفكر ،بیروت ١٩٥٦،ص٤٤،ص٧٦. كمال ابو العید ،سر المهنة ،بحث مقدم الى المؤتمر الثاني عشر لأتحاد المحامین العرب في بغداد ،تشرین الاول
الشیخ خلیل احمد السهارنفوري ،بذل المجهود في حل ابي داود ،الجزء التاسع عشر ط٣، دار العلوم للطباعة
ابن هیل البغدادي ،المختا ارت في الطب ،الجزء الاول ، طبعة اولى ، مطبعة جمعیة دار المعارف العثمانیة حیدر ایاد ١٣٦٢ هـ ، ص٤.
ابن ابي اصیبعة ،المرجع السابق ،ص٤٣،ونقل ابن ابي اصیبعة كلام علي بن رضوان )نقیب اطباء القاهرة( المتوفي سنة ١٠٦٠ هـ في خصال الاطباء على أري ابق ارط وهي سبع ،الثالثة منها )ان یكون كتوماً لاس ارر المرضى لایبوح بشيء من ام ارضهم ،ابن ابي اصیبعة ، المرجع نفسه ، ص١٧٠.
- ١٢٦ -
)٣( ١٩٧٣،ص١٣.
)٤(
)٥(
ولم یغفل المشرع الع ارقي ذلك فنص في المادة ٤٣٧ من قانون العقوبات رقم )١١١( لسنة ١٩٦٩
المعدل على فرض عقوبة الحبس لمدة لاتزید على سنتین وبغ ارمة لاتزید على مائتي دینار أو بإحدى هاتین العقوبتین على كل من علم بحكم وظیفته أو مهنته أو صناعته أو فنه أو طبیعة عمله بسر فأفشاه في غیر
الأحوال المصرح بها قانوناً )١( وبهذا حرص المشرع على تأكید المسؤولیة الجنائیة للموظفین )ومنهم الأطباء( عند إفشاءهم أم ار وصل إلى علمهم بمقتضى الوظیفة.
وتشیر تعلیمات السلوك المهني للأطباء إلى واجب الطبیب في المحافظة على السر وعدم إفشائه
بدون رضا مریضه. وهنا یثور التساؤل عن مسؤولیة الطبیب عن إفشاء إس ارر مرضاه وهل یعتبر هذا الالت ازم مطلقا بحیث یسأل الطبیب في كل أحوال الإفشاء أم ان هناك حالات تنتفي فیها مسؤولیة الطبیب إذا أفشى
ما وصل إلى علمه بمناسبة ممارسة مهنته. الواقع إن كثی ار من الأحوال ولاعتبا ارت عملیة ٕوانسانیة واجتماعیة وقانونیة تحتم بل تلزم الطبیب
بإعلان السر. ویعتبر امتناعه عن ذلك أخلالا بما یفرضه القانون علیه من الإخبار أو التبلیغ . ومن هذه الأحوال
التي نص علیها القانون مایأتي : ١- التبلیغ عن الولادات والوفیات بموجب إحكام المواد )٣،٧،٨( من قانون تسجیل الولادات والوفیات رقم )١٤٨(
لسنة ١٩٧١ المعدل )٢( .
٢- التبلیغ عن الج ارئم والترخیص بالإفشاء وأداء الشهادة أمام القضاء ٕواعمال الخبرة بموجب المادة )٤٣٧( من
قانون العقوبات رقم )١١١( لسنة ١٩٦٩ المعدل والمادتان )٨٨و٨٩( من قانون الإثبات رقم )١٠٧(لسنة
١٩٧٩ والفصل الثامن المتعلق بأعمال الخبرة من قانون الإثبات )٣( . ٣- التبلیغ عن الإم ارض المعدیة والساریة المنصوص علیها في المادة )٥٠( من قانون الصحة العامة رقم )٨٩(
لسنة ١٩٨١ )٤( . ٤- حالة الضرورة المنصوص علیها في المادة )٢١٣(من القانون المدني رقم )٤٠( لسنة ١٩٥١ والمادة )٦٣(
من قانون العقوبات رقم )١١١( لسنة ١٩٦٩ )٥( . كما إن هناك مبر ارت أخرى لإفشاء السر نص علیها في تعلیمات السلوك المهني للأطباء الع ارقیین وهي :
أ- الأم ارض العقلیة لغرض الحجز في المستشفى .
)١( )٢( )٣(
)٤( )٥(
المادة )٤٣٧( من قانون العقوبات الع ارقي رقم )١١١( لسنة ١٩٦٩ المعدل. المواد )٨،٧،٣( من قانون تسجیل الولادات والوفیات رقم )١٤٨( لسنة ١٩٧١ المعدل. المادة )٤٣٧(من قانون العقوبات رقم )١١١( لسنة ١٩٦٩ المعدل والمادتان )٨٨و٨٩( من قانون الإثبات رقم )١٠٧(
لسنة ١٩٧٩ المعدل. المادة )٥٠( من قانون الصحة العامة رقم )٨٩( لسنة ١٩٨١ المعدل.
المادة )٢١٣( من القانون المدني رقم )٤٠(لسنة ١٩٥١ المعدل والمادة )٦٣( من قانون العقوبات رقم )١١١(لسنة ١٩٦٩ المعدل .تعلیمات السلوك المهني للاطباء ، المرجع السابق ،ص١٧,١٨.
- ١٢٧ -
ب- الأم ارض المهنیة . ت- إصابات العمل . ث- وقائع التأمین على الحیاة )من قبل طبیب الشركة( . ج- تقریر اللیاقة للخدمة الحكومیة وخدمة العلم . ح- تقریر صحة الطلاب في مدارسهم . خ- تقاریر أطباء الشركات والمنظمات العمالیة . د- الطبابة العدلیة وفق التعلیمات الطبیة العدلیة لسنة ١٩٧٧ . ذ- شهادة اللیاقة للزواج . ر- الشهادة الطبیة المنظمة حسب طلب المریض .
المطلب الثالث
حق المریض في فسخ العقد الطبي
ان اختیار المریض للطبیب با اردته الحرة او با اردة من یمثله قانوناً یتم في غالب الاحوال على اساس
الثقة بالطبیب وینشأ بینهما عقد طبي نتیجة لتوافق الا اردتین ، واذا كانت الثقة بالطبیب متوافرة لدى انشاء العقد الطبي فانه لایلزم استم اررها وبقائها طیلة الفترة التي یقتضیها عقد العلاج فقد یفقد المریض او ذووه ثقتهم بالطبیب ولاي سبب كان ، وهذا لا یكون امامهم سوى فسخ العقد الذي نشأ صحیحاً وبا اردتهم المنفردة ،
ان افت ارض فقدان الثقة بالطبیب مع الال ازم بوجوب استم ارر العقد فیه اض ارر للمریض كما انه لا
ینسجم ولا یتوافق مع ما قررناه من حقوق للمریض على الطبیب كحقه في العلاج ، وفي اختیار الطبیب وفي التبصر بحالته وحقه في الموافقة على العلاج الذي یقترحه الطبیب .
ولا یقتصر الفسخ با اردة المریض وحده في علاقته مع الطبیب الخاص وانما یجوز ذلك في علاقة
المریض بالطبیب الذي یعمل في مؤسسات الدولة الصحیة فیحق للمریض الخروج من المستشفى على مسؤولیته وله م ارجعة أي طبیب آخر سواء في عیادته الخاصة او في المستشفیات الاهلیة او الحكومیة الاخرى ، ولكن هذه الرخصة للمریض في ترك المستشفى الحكومي مقیدة هي الاخرى بحالات تقتضیها ضرورة المحافظة على الصحة العامة ومنع انتشار الام ارض الانتقالیة والاوبئة الخطرة ،فللسلطة الصحیة عند الاشتباه باي شخص كونه حاملاً لمسبب مرضي او انه في دور حضانة احد الام ارض الانتقالیة الحق في اتخاذ التدابیر الكفیلة لمارقبته او عزله او حجره لغرض فحصه ومعالجته ویتم العزل او الحجر في المستشفیات او المحاجر الصحیة حسب الاحوال ، ولیس للمریض ترك العلاج والخروج من المستشفى او المحجر وانما یخضع للنظام الصحي الذي یقر ارج ارءات الحجر والعلاج والمدة التي یتطلبها ، وهذه الاج ارءات
انما هي لصالح المجتمع وحمایته من اخطار الام ارض والحد من انتشارها .
- ١٢٨ -
الخاتمة
تبین لنا من هذا البحث الموجز أهمیة الوقوف على حقوق المریض على الطبیب ،لكون المهنة
الطبیة هي مهنة إنسانیة تستلزم من الطبیب احت ارم ك ارمة المریض وضمان حقوقه ألناشئه عن الت ازم الطبیب ببذل العنایة اللازمة لمعالجة المریض وتخفیف آلامه .
ولاحظنا في البحث إن للمریض حقوقا متعددة ، وهذه الحقوق ما هي إلا واجبات تقع على عاتق
الطبیب فحق المریض في إن یتلقى العنایة والرعایة یقابله واجب الطبیب ببذل العنایة في سبیل شفاء المریض .
ومن هذه الحقوق ما یترتب قبل مباشرة العمل الطبي والمساس بجسم المریض ،كحقه في العلاج المستند
إلى حقه في الحیاة وفي سلامته الجسدیة،ویتبع ذلك حقه في اختیار طبیبه ، فللمریض مطلق الحریة في هذا الاختیار معتمداً اساساً على الثقة التي یودعها بطبیبه المعالج ، وقد استقر أري الفقه على ضرورة رضاء المریض الحر إثناء العلاج في غیر حالة الضرورة العاجلة،كما لاحظنا ظهور اتجاهات متعددة في مدى إل ازمیة الطبیب بتبصیر مریضه بحالته ومخاطر علاجه ورجحنا الاتجاء القاضي بوجوب تبصیر المریض ومعرفته لحقیقة مرضه مع استثناء لبعض الحالات التي تؤثر على وضعیة المریض م ارعاة للجوانب الانسانیه كما في حالة )المرض الخبیث(، ٕواذا ما وافق المریض على مباشرة العمل الطبي من قبل طبیبه عندئذ تنشأ حقوقا أخرى تتمثل ببذل العنایة اللازمة لشفاء المریض ،والمحافظة على إس ارره التي یتطلع علیها الطبیب بحكم مهنته ،كما إن المریض حر في إنهاء العلاقة التعاقدیة بینه وبین طبیبه في أي وقت یشاء وبالتالي
إنهاء هذا العقد وفسخه .
- ١٢٩ -
ابراھیم الصیاد ، حقوق المریض على الطبیب ، مجلة الحقوق والشریعة ، الكویت ، العدد الثاني 1981 . ابن ابي اصیبعة ، عیون الانباء في طبقات الاطباء ، الجزء الاول دار الفكر ، بیروت
1956 . ابن ماجة ، كتاب الطب ، الجزء الثاني . ابن عبد السلام ، قواعد الاحكام في مصالح الانام ، الجزء الاول ، طبعة اولى 1934 . ابن ھبل البغدادي ، المختارات في الطب ، الجزء الاول ، طبعة اولى ، مطبعة جمعیة دار المعارف العثمانیة ، حیدر ایاد 1362 ھـ . احمد شرف الدین ، الاحكام الشرعیة للاعمال الطبیة ، 1983 . الشاطبي ، الموافقات ،ج2 ، المطبعة التجاریة الكبرى ، القاھرة 1975 . جابر مھنا شبل ، الالتزام بالمحافظة على سر المھنة ، رسالة ماجستیر كلیة القانون/جامعة بغداد 1984 . جابرمھنا شبل ،مدى مشروعیة عملیات نقل وزرع الاعضاء البشریة رسالة دكتوراه ، كلیة القانون /جامعة بغداد 1991 . - حسام الدین كامل الاھوائي ،المشاكل القانونیة التي تثیرھا عملیات زرع الاعضاء البشریة دراسة مقارنة ، مطبعة جامعة عین شمس 1975 . -حسن زكي الابراشي ، مسؤولیة الاطباء والجراحین المدنیة في التشریع المصري والقانون المقارن رسالة دكتوراه ، كلیة الحقوق / جامعة فؤاد الاول 1951 . -حسن الفكھاني وعبد المنعم حسین ، موسوعة القضاء والفقھ ، الجزء 251 . -حسین عامر ، المسؤولیة المدنیة التقصیریة والعقدیة ، طبعة اولى ، مطبعة مصر
1956 . -خلیل احمد السھارنفوري ، بذل المجھود في حل ابي داود ، الجزء التاسع عشر ط3 ، دار العلوم للطباعة 1973 . -شھاب الدین ابي الفضل العسقلاني ، فتح الباري لشرح البخاري ، الجزء الثالث عشر مطبعة مصطفى البابي بمصر 1959 . -عبد الرحمن عبد الرزاق داود الطحان ، مسؤولیة الطبیب المدنیة عن اخطائھ المھنیة
– رسالة ماجستیر ، كلیة القانون والسیاسة / جامعة بغداد . -عبد الرشید مأمون ، عقد العلاج بین النظریة والتطبیق ، دار النھضة العربیة / القاھرة. -عبد الرزاق احمد السنھوري ، الوسیط في شرح القانون المدني ، الجزء )1( ، دار النھضة العربیة ، 1964 فقرة 528 . -علي عبید الجیلاوي ، رضا المتضرر واثره في المسؤولیة المدنیة ، رسالة دكتوراه ، كلیة القانون / جامعة بغداد 1988 .
١ - ٢ -
٣ - ٤ - ٥ -
٦ - ٧ - ٨ -
٩ -
١٠
١١
١٢ ١٣
١٤
١٥
١٦
١٧
١٨
١٩
- ١٣٠ -
المصادر اولاً- الكتب والرسائل والابحاث

٢٠- كمال ابو العید ، سر المهنة ، بحث مقدم الى المؤتمر الثاني عشرلاتحاد المحامین العرب ، بغداد ١٩٧٤ .
٢١- محمد حسین منصور ، المسؤولیة الطبیة ، موسوعة القضاء والفقه ، الجزء ٢٤١ ، ١٩٨٥. ٢٢- محمد فائق الجوهري ، المسؤولیة الطبیة في قانون العقوبات ، رسالة دكتو اره ، القاهرة ١٩٥١ . ٢٣- منصور مصطفى منصور ،حقوق المریض على الطبیب ، بحث منشور في مجلة الحقوق والشریعة /
جامعة الكویت / العدد الثاني / النسخة الخامسة ١٩٨١ .
٢٤- محمود مصطفى ، مسؤولیة الاطباء الج ارحین الجنائیة ، بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد ،
العدد الاول ١٩٤٨ . ثانیاً – المصادر الاجنبیة
2- Decocq(Andre):Essai done Theorie generale des droits sur la personne.paris 1960 ,no 510 .
3- Mazeaud :Le(Hell) et tunc (A)Traite Theorique et pratique de La respon sabilite civil.Tome 1,Sixeme ed,paris 1065,no511.
4- Paul-Jolien doll,dalloz,vol iv,1973 no,491,499,p30,31.
ثالثاً- القوانین والتعلیمات والفتاوى واللوائح
١- القانون المدني الع ارقي رقم )٤٠( لسنة١٩٥١ . ٢- قانون العقوبات الع ارقي رقم )١١١( لسنة ١٩٦٩ . ٣- قانون تسجیل الولادات والوفیات رقم )١٤٨( لسنة ١٩٧١ . ٤- قانون الاثبات رقم )١٠٧( لسنة ١٩٧٩ . ٥- قانون الصحة العامة رقم )٨٩( لسنة ١٩٨١ . ٦- قانون نقابة الاطباء رقم )٨١( لسنة ١٩٨٤ . ٧- تعلیمات السلوك المهني للاطباء في الع ارق لسنة ١٩٧٠ . ٨- فتوى دیوان التدوین القانوني رقم ١٩٧٣/١٧٥ . ٩- اللوائح الصحیة الدولیة لسنة ٢٠٠٥ .
1- carbonnier:note sovs paris 7mars 1952 J.C.P1952,11,7210.
- ١٣١ -

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نطاق العقد

الهيئات الاداريه المكلفه بجمايه البيئة

المحكمه الكترونية